منذ أسابيع شغلت ​وزارة الشؤون الاجتماعية​ الرأي العام بعد قانون نقل اعتمادات ماليّة في موازنتها من باب الإسكان، الى باب جمعيّات الرعاية الاجتماعيّة. من حيث المنطق، يفترض بهذه الوزارة كما ينص اسمها على رعاية كل "اللبنانيين"، فهل تقوم بهذا الدور وهي تعاني من خلل في رعاية "العاملين" فيها؟!.

تتعاقد وزارة الشؤون الاجتماعية بحسب مصادر مطّلعة مع مئات بموجب عقود اجارة خدمة، والغالبيّة الساحقة منهم تم التعاقد معهم قبل العام 2016، ويتوزّع المتعاقدون على كافة الاقسام داخل الوزارة، وعلى مراكز الخدمات الانمائيّة في المناطق، وعلى المشاريع والبرامج المنفذة بين الوزارة وجهات اخرى كوكالات ​الامم المتحدة​ والجمعيات الاهليّة، كالبرنامج الوطني لدعم الاسر الاكثر فقرًا، ومشروع دعم المجتمعات اللبنانية المضيفة وغيرها.

في العام 2014 شكا المئات من المتعاقدين مع وزارة الشؤون الاجتماعيّة، ضمن اطار مشروع الاستجابة لحالة ​النزوح السوري​، من عدم قبض مستحقّاتهم لأشهر، ويومها اتهم المتعاقدون القيّمين على الاموال بوضعها وتجميدها في ​المصارف​ للاستفادة من الفوائد. كذلك في العام 2016 كان لعدد من المتعاقدين مع وزارة الشؤون الاجتماعية صرخة تشكو من عدم قبض رواتبهم، وها هم في العام 2019 يشتكون من نفس الامر.

تقول المصادر عبر "النشرة: "يعاني المتعاقدون مع وزارة الشؤون من خلل بطريقة قبض رواتبهم، ولكن الاسباب تختلف بين حالة وأخرى وبين عام وآخر، فإذا كانت سابقا تحصل بسبب غياب الأموال، فإنها تحصل اليوم بسبب تأخير ​الموازنة​ العام لسنة 2019 التي صدرت منذ أسابيع، خصوصا أن هؤلاء المتعاقدين يقبضون رواتبهم بحسب آلية قانونيّة محددة".

وفي التفاصيل، تشير المصادر الى أنّ مدة غالبيّة العقود كانت قبل تولّي الوزير السابق للوزارة ​بيار بو عاصي​ مهمته، سنة واحدة، ولكنها خلال فترة تولّيه، وبسبب اعادة النظر بأعداد المتعاقدين، وتحديدا في مجال مشروع دعم الأسر الاكثر فقرا، تمّ تخفيض فترة التعاقد لتصبح احيانا 4 اشهر واحيانا 6 اشهر، ولكنها مع وصول الوزير الحالي ​ريشارد قيومجيان​، تم توقيع العقود أول مرة لمدّة اربعة أشهر من شهر كانون الثاني 2019 حتى نهاية نيسان 2019".

وتضيف: "بعد انتهاء العقود في نيسان الماضي، مُدّدت العقود لفترة 4 أشهر جديدة، وذلك بحسب ما ينص عليه القانون الذي يرعى هذا النوع من العقود، اذ يشير الى انه مع انقضاء مدّة العقد وعدم تبلغ المتعاقد من الادارة برغبتها إنهاء العمل فإنّ عقده بُمدد للفترة نفسها، وهذا ما حصل من نيسان الى آب، وما حصل من آب الى نهاية العام الجاري".

يتحدث متعاقدون عن أن سبب المشكلة هي عدم توقيع العقود من قبل الوزير، ويتحدّث بعضهم أن المشكلة لدى المدير العام في الوزارة عبد الله أحمد، فتضيع "الطاسة" ولا يعرفون مصير رواتبهم، ويخشون ان تضيع حقوقهم بسبب الخلاف الكبير بين الوزير والمدير العام حول عدّة امور متعلقة بصلاحيات كل منهما.

وفي هذا السياق يؤكد المدير العام أنّ الرواتب ستصل الى أصحابها ولكن التأخير الحاصل فيها لا يتعلق بوزير او مدير بل بتأخر صدور موازنة 2019، والذي انعكس حكما على الإجراءات القانونية الواجب اتباعها في هذه الحالات.

ويقول أحمد في حديث لـ"النشرة": "بالقانون فإنّ كل المشاريع التي يتمّ من خلالها توقيع عقود اجارة الخدمة، فهي معقودة ضمن اطار مشاريع منبثقة عن وزارة الشؤون، وهذه يتجاوز عددها الـ700، وهذه المشاريع تأخذ مساهماتها من موازنة وزارة الشؤون، ولكن بعد موافقة ​ديوان المحاسبة​، الذي يقرّر حجز المبالغ المطلوبة من ميزانيّة الوزارة للمشاريع المشار اليها أعلاه بعد دراستها والتدقيق فيها، وبالتالي لا يمكن لنا دفع قرش واحد دون موافقة ديوان المحاسبة، وهذا ما ننتظره اليوم".

يشير أحمد الى أن تأخّر الموازنة جعلنا نتأخّر ببدء الاجراءات مع ديوان المحاسبة، مشدّدا على ان ​الديوان​ يعمل وفق طاقته الكاملة ويحاول الإسراع قدر المستطاع بالعمل، كاشفا عن لقاء مثمر جمعه أمس بالديوان، واعدا بقرب صدور الموافقات المطلوبة لتأمين الاموال.

لم يرغب المدير العام الردّ على الاتّهامات الموجهة اليه، فهو لا يريد الدخول بسجالات سياسيّة، ولكن من حقّنا أن نسأل عن السبب الذي يدفع وزارة الشؤون لتمديد العقود دون إعادة النظر بها وبأهميّتها وضرورتها، وكيف يمكن توقيع عقود مع موظّفين في بداية العام دون أن تكون اموال رواتبهم حاضرة؟!.