حيّا رئيس "​حزب القوات اللبنانية​" ​سمير جعجع​ المتظاهرين، ونصحهم أن "يبقوا على إيمانهم وأن يبقوا على تصميمهم، إلّا أنّه يجب عليهم الإبتعاد عن أيّ إخلال بالانتظام العام أي التكسير والإعتداء على الأملاك العامة والخاصة لأنّه أمر خاطئ. أمّا ما تبقّى فهو ممتاز ويجب أن نستمرّ به، لأنّ الوضع في البلاد لا يمكن أن يستمرّ على ما كان عليه".

ولفت في حديث صحافي، إلى أنّ "الحراك في ​الجنوب​ و​البقاع​ محترم جدًّا ويجب أن ننحني جميعًا أمامه باعتبار أنّه ليس عملًا بطوليًّا النزول إلى الشارع في ​جل الديب​ أو ​زوق مكايل​ أو ​البترون​ أو شكا، إلّا أنّ البطولة يقوم بها من يتحرّكون في ​النبطية​ وصور و​كفررمان​ وقرى الجنوب المختلفة وقرى البقاع، لأنّ من الواضح أنّ "​حزب الله​" و"​حركة أمل​" لا يريدان هذا التحرّك". وبيّن أنّ "بالرغم من ذلك، الناس نزلت إلى الشارع وبقوّة ومستمرّة في هذا التحرّك، لذا "يعطيهم مئة ألف عافيّة". ووجّه لهم تحيّة كبيرة، منوّهًا إلى "أنّنا منذ زمن بعيد لم نرَ الوحدة اللبنانية بارزة على ما رأيناها في اليومَين السابقين".

وأوضح جعجع أنّ "هناك تناقضًا بارزًا في كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد ​حسن نصرالله​ الّذي قال إنّ "هناك أزمة ثقة كبيرة بين الناس والدولة، وعاد بعدها للدعوة إلى بقاء ​الحكومة​، فهل إذا كان هناك أزمة ثقة بهذا الحجم بين الناس والدولة الّتي أبرز وجه من وجوهها هو الحكومة فكيف يدعو لبقاء هذه الحكومة؟". وردًّا على قول نصرالله "ستحاسبون إن انسحبتم من الحكومة"، قال: "ليسمح لنا السيد نصرالله و"يسمحلنا منيح كمان" هو حرّ بموقفه ونحن أحرار جدًّا جدًّا جدًّا بموقفنا".

وركّز على أنّ "رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ مصرّ على أن يكون إيجابيًّا حتّى آخر لحظة. أنا أحترم هذا الأمر، إلّا أنّني لا أؤيّده باعتبار أنّ الأكثريّة الوزاريّة الحاليّة ميؤوس منها، وهي بالفعل ليست الأكثريّة في هذه الحكومة فقط، إنّما كانت تشكّل الأكثريّة الوزاريّة في الحكومات السابقة أيضًا منذ العام 2009 لغاية اليوم". وأشار إلى أنّ "بالتالي، هذه الأكثريّة الّتي لم تستطع استدراك الأمور كي لا نصل إلى الوضع الّذي وصلنا إليه، هل يمكنها اليوم أن تخرجنا من المأزق؟ بالطبع لا، لذا من هذا المنطلق، نحن لدينا رأي آخر مختلف تمامًا عن الّذي يحاول القيام به الحريري".

وعمّا إذا كان "حزب القوات اللبنانية" سيبقى في الحكومة، ما إذا لم تحصل الإصلاحات الّتي يطالب بها واستمرّ الحريري بالحكومة، أعلن أنّ "الموقف يُتّخذ في حينه، إلّا أنّني أعتقد أنّ مع هذه الاكثريّة الوزاريّة لا يمكن أن نصل إلى أي مكان. يبقى السؤال هل خروج "القوات" وحدها من الحكومة كاف لإسقاطها؟ على ضوء الجواب على هذا السؤال، سنحدّد موقفنا لأنّ من المهم أن نصل إلى نتيجة، وليست المسألة هنا مسألة بقاء أو استقالة فقط".

وحول ما إذا كانت خطوة الاستقالة ستكون منسّقة مع "​الحزب التقدمي الإشتراكي​"، أكّد جعجع "أنّنا بتنسيق مستمر مع "الحزب التقدمي الإشتراكي" وبتواصل مع الحريري و"​تيار المستقبل​"، وسنرى كيف سنقوم بتنسيق المواقف من جهة والقيام بقناعاتنا بالشكل الّذي نرى فيه قناعاتنا من جهة أخرى". وذكر أنّ "لدي ثلاث أو أربع ملاحظات على كلام السيد نصرالله الأخير، أوّلًا، في الخلاصة هو وضع نفسه كجزء لا يتجزأ من التركيبة السياسيّة الحاليّة، وأنا لا أحسده على الموقف أو الموقع الّذي وضع نفسه فيه، إلّا أنّ في الأحوال كافّة فهذا شأنه، إلّا أنّ ما لفتني قوله إنّ الأزمة الحاليّة ليست نتيجة السنوات الثلاث الماضيّة وإنما عشرون سنة من التصرفات وممارسة سياسيّة معيّنة".

كما رأى أنّ "هذا الكلام صحيح والأزمة متراكمة منذ عشرين أو ثلاثين سنة، إلّا أنّ السؤال هو، في أيّ بلد من العالم عندما تحصل الانتخابات يتجدّد الدم ويذهب رئيس ليأتي بديل عنه على أساس أن من يأتي يتصرّف بشكل مختلف، ليصوّب الأوضاع الّتي كانت غير مستقيمة قبله، لا أن يأتي عهد جديد وتستمرّ الأمور على ما هي عليه لا بل على أسوأ. إذا، صحيح ما قاله السيد نصرالله لجهة أنّ الأزمة نتيجة ممارسة وسياسات خاطئة منذ عشرات السنوات، إلّا أنّه غير صحيح لجهة أنّها مجرّد تراكمات". وسأل: "ماذا قام العهد منذ ثلاث سنوات لغاية اليوم من أجل تجنّب تبعات هذه التراكمات؟ لا بل في بعض الأحيان جرت ممارسات أسوأ من تلك الّتي كانت تحصل في السابق، الأمر الّذي أدّى إلى التعجيل في الوصول إلى الأزمة".

ولفت إلى أنّه "استوقفني في كلام نصرالله قوله إنّ هناك أزمة ثقة كبيرة بين الناس والدولة، وقال إنّه يمكن أن نكرّر هذا الكلام إلى حين أن تبح أصواتنا ويعود للدعوة إلى بقاء الحكومة، فإذا كان هناك أزمة ثقة بهذا الحجم بين الناس والدولة الّتي أبرز وجه من وجوهها هو الحكومة، كيف تدعو لبقاء هذه الحكومة؟ كما قال إنّه مطلوب بقاء هذه الحكومة لكن بذهنيّة جديدة وعقليّة مختلفة، إلّا أنّني لم أفهم كيف حكومة عتيقة يمكن لها أن تتصرّف بذهنيّة جديدة وعقليّة مختلفة؟". وتساءل: "من هو القسم الّذي فيها يمكنه أن يغيّر ذهنيّته وعقليته بين ليلة وضحاها جراء التظاهرات؟ إذا ما بقيت هذه الحكومة سنبقى بالوضعيّة ذاتها وسنحصد النتائج السيئة ذاتها مضروبة بمرتين أو ثلاث مرّات لأنّ الأوضاع بدأت تنهار، وبالتالي فإنّ تسارع الأمور يتضاعف".

وتعليقًا على موقف رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ بالتزامه الصمت رغم كل ما يجري، أشار جعجع إلى "أنّني لا أحسد رئيس الجمهورية على الوضع الّذي هو فيه لأنّ هذا العهد الّذي يعلم الجميع كم كنّا نتأمّل به خيرًا، أمّا اليوم إذا ما نظرنا إلى الشارع نرى إلى أين وصلت الأمور. وبالتالي لا اعرف، فرئيس الجمهورية هو أكثر شخص يجب أن يقوم اليوم بإعادة قراءة لكلّ الأمور ليرى ما هو القرار الّذي يجب أن يأخذه، لأنّني أشكّ أنّ هذا الوضع في البلاد على ما هو عليه سيعود إلى الوراء".

وردًّا على اتهام "​التيار الوطني الحر​" لهم مجدّدًا أنّهم "ميليشيات" وما يقومون به في الشارع يشبههم، أفاد بأنّ "أوّلًا، كلّ الناس في الشارع وليس نحن فقط، وأنا أعتبر أنّ هذا اتهام لكلّ الناس الموجودة في الشارع في الوقت الراهن، إلّا أنّ النقطة الثانية هي أنّني لا أعرف من المقصود بـ"التيار الوطني الحر" أو من شخصيًّا أطلق هذا الاتهام. كما أنّ جماعة "التيار" الموجودين في الشارع إن لم نقل بالعدد نفسه، أقلّ بقليل من جماعة "القوات"، وبالتالي هذا الكلام ليس موزونًا ولا ينطبق على الواقع القائم، لأنّه صراحة أكثريّة اللبنانية من صور إلى عكار في الشارع وفي ​طرابلس​ والنبطية وقرى الجنوب الأخرى والبقاع أيضا، هؤلاء كلهم قوات؟ هذا ما يدل على أن هذا الكلام عار عن الصحة".

إلى ذلك، ذكر جعجع "أنّني لم أطّلع بعد على هذه الورقة الإنقاذيّة الجديدة، وعندما نطلع عليها سنبدي موقفنا منها، إلّا أنّني أعيد وأكرّر أنّ الموضوع لم يعد مسألة مطلب إصلاحي بالطالع أو بالنازل. المسألة واضحة، الناس ضدّ الأكثريّة الوزاريّة النيابيّة الحاليّة، لذا أقل ما يمكننا القيام به هو الذهاب لتشكيل حكومة جديدة مختلفة تمامًا لا تتشكّل بالطريقة الّتي كانت تتشكّل فيها الحكومات السابقة، وألّا يكون للطاقم السياسي الحالي تأثير عليها، وإلا نكون لم ننجز أي أمر".

ونصح المتظاهرين أن "يبقوا على إيمانهم وتصميمهم، إلّا أنّه يجب عليهم الابتعاد عن أيّ إخلال بالنظام العام أي التكسير والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، فهذا أمر خاطئ. أمّا ما تبّقى فهو ممتاز ويجب أن نستمر به لأنّ الوضع في البلاد لا يمكن أن يستمر على ما كان عليه".