ركّز دبلوماسي ​لبنان​ي مطلع على كواليس الاتجاهات السياسيّة لعواصم القرار، في حديث إلى صحيفة "الجمهورية"، على أنّ "الحضور الأميركي في المنطقة يتجّه إلى الانكفاء، إلّا أنّ الإدارة الأميركيّة مصمّمة على تعزيز حضورها السياسي والدبلوماسي في لبنان لدفعه نحو الاستقرار والازدهار، لكن الأميركيين يريدون أن تسبق ذلك تغييرات في السلطة عبر فكّ ارتباطها بـ"​حزب الله​".

وأكّد أنّ "​واشنطن​ لا تزال تراقب تطوّر الموجة الشعبية باهتمام كبير، ويقلقها إصرار السلطة على الارتباط بـ"حزب الله" سواء عن طريق العهد المتمثّل برئيس الجمهورية ​ميشال عون​ أو رئيس الحكومة ​سعد الحريري​". ولفت إلى أنّه "لا يهمّ الأميركيون ما هي عناوين الحراك ولو كانت اقتصاديّة معيشيّة، إلّا أنّها ستؤدّي في النهاية إلى تغييرات جذريّة في الوضع اللبناني. من هنا ثمة كباش خطير يستمرّ على الأرض بين "حزب الله" و"​حركة أمل​" والعهد من جهة، والحراك المتصاعد من جهة أُخرى".

وبيّن الدبلوماسي أنّ "الأميركيين يعرفون أنّ إدخال مطالب سياسيّة على الحراك قد يؤدّي إلى إفشاله، لأنّ تكويناته متعدّدة ومتناقضة سياسيًّا". ونوّه إلى أنّ "كذلك يتابع الأميركيون باهتمام كبير تموضع ​الجيش اللبناني​ الّذي يلتزم الحياد وضبط أمن البلد، لكن هذا الوضع قد يضطرّه إلى المواجهة. وهنا يطرح الأميركيون علامات استفهام عديدة حول قدرة الجيش على المواجهة في ظلّ تركيبته، رغم أنّهم أبلغوا المعنيّين بعدم المسّ بالمتظاهرين، إلّا أنّ الإمساك أمنياً بالأرض في ظلّ هذا الحراك الضخم، يشكّل تحدّيات كبيرة وخصوصًا مع وجود عشرات الأجهزة المخابراتيّة الدوليّة في لبنان".

وعن الموقف الفرنسي، أشار إلى أنّ "الفرنسيين لم يقطعوا اتصالاتهم بالحريري، وقد أبدوا قلقهم من الوقوع في الفراغ، لكن لا يمانعون التغيير الوزاري إذا حصل، شرط أن يطال وزراء باتوا رموزًا للأزمة بوجودهم في الحكومة، فيُستبدلون بوزراء معروفين بالنزاهة والشفافيّة".

وذكر أنّ "البريطانيين دخلوا على الخط، وأظهروا حرصهم على المتظاهرين". وشدّد على أنّ "عواصم القرار تشجّع بعض القياديين في الحراك على تشكيل لجنة تتفاوض مع السلطة على الطريقة السودانيّة، لكن لا يُخفى على أحد أنّ الاتفاق بين قياديي الحراك الميدانيين ليس سهلًا، إذ يبدو الحراك متعدّد الولاءات للأحزاب و​المجتمع المدني​".

كما أشار الدبلوماسي إلى أنّه "قد تكون أهداف ​الحراك الشعبي​ اقتصاديّة معيشيّة، إلّا أنّ عواصم القرار، ولا سيما واشنطن، تريد تغييرات جذريّة في السلطة، لأنّها غير مستعدّة بعد اليوم لدعم لبنان ماليًّا وعسكريًّا طالما أنّ ​الدولة اللبنانية​ منخرطة في المحور الإيراني والسوري، وتريد من السلطة قطع الارتباط بحزب الله. من هنا، لا تبدو الصورة واضحة بعد، وقد تكون الفوضى عنوانًا أساسيًّا في المرحلة المقبلة".