حتى الساعة لا يزال السؤال الأساسي، الذي يُطرح في الأوساط ال​لبنان​ية، يتعلّق بامكانيّة وقوف جهة خارجيّة، إقليميّة أو دوليّة، وراء ​الحراك الشعبي​ في الشارع، لا سيّما أنّ الكثير من الأمور لا تزال غامضة وتحتاج إلى الإجابة عنها، لكن في المقابل لم يظهر بشكل واضح في العلن ما يوحي إلى ذلك، لا بل أن أغلب القوى المحليّة تسعى إلى التأكيد بأن هذا الحراك يصبّ، بشكل أو بآخر، في مصلحتها.

إنطلاقاً من ذلك، تجمع مختلف القوى السياسية المحليّة بأن ليس هناك من جهة خارجيّة، حتى الآن، نجحت في سرقة الحراك الذي بدأ إنطلاقاً من مطالب إجتماعيّة وبشكل عفوي، باستثناء توجيه الإتهام لبعض الأحزاب والتيّارات السياسية ركوب الموجة، وبشكل أساسي إلى كل من احزاب "القوّات اللبنانيّة"، "​الكتائب​" و"التقدّمي الإشتراكي" الّذي لا يزال ضائعا في موقعه، بين السلطة أو المعارضة.

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ مختلف القوى تسعى إلى عدم الصدام مع الحراك الشعبي، حتى تلك التي توجه لها الإتهامات والشتائم على مدار الساعة، نظراً إلى أنّ أحداً لا يمكن له أن يضع نفسه في مواجهة مع الشارع، بالرغم من الإعتراضات الموجّهة إلى النهج الذي يقوم به البعض على هذا الصعيد، خصوصاً على مستوى الإستمرار في ​قطع الطرقات​ الرئيسيّة من قبل بعض الأحزاب، التي اختارت ركوب الموجة بعد أن كانت جزءاً من السلطة على مدى السنوات السابقة.

وتلفت هذه المصادر إلى أنّ العديد من الأحزاب والتيارات السياسية تسعى إلى عدم سحب أنصارها من الحراك الشعبي، ولو كان حضورهم بشكل شبه رسمي، خوفاً من أن يؤدّي ذلك إلى حرف الأهداف عن مسارها الحقيقي، وهو ما يُفسر عدم توجيهها أيّ نداء لهم للخروج من الشارع، وتضيف: "لا بل هناك سعي إلى أن يتمّ التوجيه نحو المسارات التي يرون أنها مفيدة".

في المقابل، تشدّد المصادر نفسها إلى أنّ مختلف القوى الخارجيّة المهتمة بالشأن اللبناني لا تزال داعمة لبقاء ​الحكومة​ الحاليّة برئاسة ​سعد الحريري​، بعيداً عن الشعارات التي تدعو إلى إستقالتها أو إلى إستقالة ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، وتؤكد أن هذا الأمر تم إبلاغه إلى مختلف الجهات المعنية في لبنان، بالرغم من أنّ بعض الجهات لم تذهب إلى أيّ إعلان رسمي واضح حتى الآن، وهو ما تأكد من خلال الموقف الذي أعلن بعد إجتماع الحريري مع مجموعة الدعم الدوليّة، حيث كان التعبير عن دعم المجموعة للقرارات المعتمدة من الحكومة.

وتشير المصادر المطّلعة إلى أنّ هذا الأمر يتأكد أكثر فأكثر من خلال المواقف التي صدرت بشكل علني، حتى الآن، لا سيما موقف ​الإتحاد الأوروبي​ وما نُقل عن ​وزارة الخارجية​ الأميركيّة، التي تعود بشكل أساسي إلى القلق من إحتمال تدهور الأوضاع على الساحة اللبنانية، خصوصاً أن الجانب الأوروبي يخشى دائماً من حصول موجة هجرة غير شرعيّة للنازحين السوريين او ​اللاجئين الفلسطينيين​ نحو القارة العجوز، وتضيف: "الموقف حتى الآن هو الإصرار على دعم الحكومة الحاليّة، بالتزامن مع الدعوة إلى التجاوب مع مطالب المتظاهرين، والحفاظ على حريّة الرأي والتعبير".

وتجزم هذه المصادر بأنّ الحراك لا يزال، حتى الساعة على الأقل، مادّة تجاذب داخلي بالدرجة الأولى، بالرغم من سعي بعض القوى الإقليميّة، لا سيما الخليجيّة، إلى تصويره بأنّه موجّه إلى بعض الجهات دون سواها، لكنها تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا سيبقى على هذا المنوال.

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أن الحكومة الحاليّة لا تزال تحظى بالدعم الدولي اللازم، بغض النظر عن الأسباب، لكن في المقابل هي مطالبة أكثر من أيّ وقت مضى بالعمل على إحداث صدمة إيجابيّة، تترجم بالإسراع في تحقيق الوعود التي تقدّمت بها، وربما يكون ذلك عبر تعديل وزراء بشكل جزئي.