في حال قرّر أي مواطن الإنتقال من ​الشمال​ إلى ​بيروت​، عليه أن يدرك أنه سيكون على موعد مع مغامرة جديدة قد لا يكون مر بها في وقت سابق، خصوصاً إذا لم يكن من الذين عايشوا أيام ​الحرب اللبنانية​، حيث كانت الطرقات تقطع بشكل دائم أمام المواطنين.

في الكثير من الأماكن سوف يصطدم بالعديد من الاعتصامات التي تعيق حركته، لا سيما إذا كان يتنقل بسيارته الخاصة، في حين أن التنقل عبر سيارات ​النقل العام​ أسهل، نظراً إلى إمكانيّة الإنتقال من وسيلة إلى أخرى لتجاوز النقاط المقفلة.

عند الوصول إلى دوار ​العبدة​، يظنّ السائق أنه لن يستطيع تجاوز هذه النقطة المقفلة بشكل تام، لكن ما هي إلا لحظات حتى يرشده بعض المتظاهرين أو المعتصمين إلى طريق يستطيع من خلالها الإلتفاف على الإعتصام القائم، وهي ما تعرف بين أبناء المنطقة باسم "طريق البيادر"، حيث يقف بعض الأشخاص على جانب هذه الطريق الفرعية الضيقة، لتنظيم حركة مرور السيارات، لا سيّما أنها شبه صالحة للسير.

بعد النجاح في الإلتفاف على دوار العبدة، الطريق سالكة بشكل شبه كامل حتى الوصول إلى انفاق شكا، حيث يقف دراجان من ​قوى الأمن الداخلي​ في وسط الطريق لارشاد المواطنين نحو الطريق البحريّة لتجاوز الإعتصام القائم، وهذه الطريق ستكون هي مسارهم الأفضل لمسافة طويلة، نظراً إلى أنها مفتوحة بشكل شبه كامل، لكن سلوكها يتطلب أن يكون السائق على معرفة بها، إلا أنه في حال لم يكن كذلك لن يجد صعوبة في إيجاد "الدليل"، وهو سائق آخر على معرفة بها يستطيع السير خلفه، ومن ثم البحث عن "دليل" آخر في حال لم يكن الأول يريد الإستمرار أو وصل إلى النقطة التي يقصدها.

في معظم البلدات التي يقطعها السائق وهو يسلك ​الطريق البحرية​، ينتشر عناصر من ​الشرطة البلدية​ لتنظيم السير، لا سيما أن ​حركة السير​ كبيرة جداً، الأمر الذي يرفع عدد الدقائق و​الساعات​ التي يحتاجها للوصول إلى مقصده، وفي بعض النقاط يتواجد عناصر من قوى الأمن الداخلي لتولّي المهمة نفسها أيضاً، في حين ينتشر ​الجيش اللبناني​ في النقاط التي عمد المتظاهرون إلى إغلاقها في وقت سابق، مع تواجد بعض المواطنين الذين يمارسون رياضة المشي بالقرب من شاطىء البحر.

عند الوصول إلى ​مدينة جبيل​ يظن السائق أنه وقع في "فخّ"، وبالتالي هو لن ينجح في إكمال طريقه نحو بيروت، لكن ما هي إلا دقائق حتى يكتشف أنه يستطيع تجاوز الإعتصام القائم من خلال طريق فرعية بالقرب منه، ليعود إلى الإستمرار في سلوك الطريق البحرية بعد ذلك، متمسكاً بالأمل الآتي من مشهد الباصات القادمة من العاصمة نحو مناطق الشمال، إلا أن عليه أن يتمسك بالصبر بسب حركة السير الّتي تصبح كثيفة أكثر فأكثر، وصولاً إلى ​مدينة جونية​، حيث سيصادف بعض المعتصمين الذين يقفون أمام العوائق لارشاد السائقين إلى الطريق المناسبة، التي تقودهم إلى المسرب الرئيسي قبل أن يعود إلى الطريق البحرية عند منطقة ​الضبية​، لتجاوز الإعتصام القائم في محلة جلّ الديب، وسيرى عند محلة ​نهر الكلب​ لوحة تابعة ل​غرفة التحكم المروري​ تبلغه بأن الطريق الرئيسي مقفل، في حين أن الطريق البحرية سالكة.

قبل مكان الإعتصام المحدّد في ​جل الديب​، يقف عناصر من قوى الأمن الداخلي لتنظيم حركة السير نحو بيروت، لكن على السائق أن يتحلّى بالصبر نظراً إلى فترة الانتظار التي عليه أن يمضيها، إلا أنه بعد تجاوزها ستكون الطريق مفتوحة أمامه للوصول إلى النقطة التي يقصدها، ليكتشف حينها أن الطرقات غير مقطوعة بشكل كامل لكن عليه أن يتكبّد معاناة كبيرة، الأمر الذي يدفعه إلى السؤال عن الأسباب التي تدفع بالمعتصمين إلى الإصرار على هذه الخطوة التي تسيء إلى تحرّكهم، والتي تشكّل ضغطاً كبيراً على المواطنين الآخرين، وليوجّه الشكر إلى كل "دليل" ساعده في تجاوز كل هذه العراقيل، وبالتالي الوصول إلى مكان الذي يقصده.