في النصوص والقوانين لا سيما النظام الداخلي لمجلس الوزراء يمكن لرئيس الحكومة أن يعين وبالتشاور مع رئيس الجمهورية، وزراء بدلاً من آخرين إستقالوا ويصدر هذا التعيين بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء، ولكن جرت العادة في لبنان، والسوابق قليلة على هذا الصعيد، بأن يتولى الوزارة التي إستقال وزيرها الوزير المعيّن لها بالوكالة وبمرسوم صدر منذ أن تشكلت الحكومة.

ما كان يحصل سابقاً، لن يتمكن رئيس الحكومة سعد الحريري من تطبيقه اليوم بعد إستقالة وزراء القوات اللبنانية من حكومته لماذا؟ تجيب المصادر المتابعة للملف، "لأن وزراء القوات الأربعة وزعوا ومنذ تشكيل الحكومة وزاراتهم بالوكالة على بعضهم البعض. فوزير الشؤون الإجتماعية ريشار قيومجيان هو وزير ا لعمل بالوكالة، ووزير العمل كميل ابو سليمان هو وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية بالوكالة، أما وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق فهي وزيرة بالوكالة للشؤون الإجتماعية". أمام هذا الواقع، نحن أمام السيناريو التالي: بعدما تسلمت الأمانة العامة لمجلس الوزراء إستقالات وزراء القوات قد يطلب الحريري منهم تصريف الأعمال وقد لا يفعل، وإذا طلب، على الأرجح أنهم سيرفضون نظراً لإتخاذ قيادتهم قرارها الحاسم بمواجهة الحكومة وإسقاطها، وهذا ما يؤكده الشارع بين البترون والشيفروليه، عندها وبما أن ليس هناك من وزراء بالوكالة في وزاراتهم سيكون الحريري مضطراً الى إتخاذ قرار من إثنين: إما بإجراء مشاورات سياسية لإصدار مرسوم تعيين ٤ وزراء أصيلين بدلاً من وزراء القوات، وإما لإصدار مرسوم لتعيين ٤ وزراء بالوكالة بدلاً منهم.

هذا الإجراء الذي لا بُدّ منه قانونياً لعدم ترك الوزارات شاغرة ولعدم تعطيل معاملات المواطنين العالقة فيها والتي تحتاج الى توقيع وزير، سيضع الحريري في موقف أكثر من حرج خصوصاً في هذا الظرف الدقيق، الذي تغص فيه الشوارع من عكار الى الجنوب بالمحتجين على الواقع المعيشي، وشعارهم الأول إسقاط الحكومة، فإذا عيّن الحريري أربعة وزراء، أصيلين كانوا أم بالوكالة، فيكون بذلك قد قال للمتظاهرين ولو بطريقة غير مباشرة إن الحكومة الحالية باقية ولن يحصل فيها أي تغيير، الأمر الذي سيشكل أكبر رسالة إستفزازيّة للشعب الذي رفع سقف مطالبه للخروج من الشارع الى حدود إستقالة الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط أو مستقلين، إضافة الى إستعادة الأموال المنهوبة، والدعوة الى إنتخابات نيابية مبكّرة.

لكل ما تقدم، لم يتسرع الحريري بحسب مصادر مقربة منه بمسألة تعيين وزراء بدلاً من وزراء القوات المستقيلين وما إن فتح رئيس الجمهوية العماد ميشال عون الباب أمام هذا التعديل، حتى لاقاه بموقف مرحّب الى منتصف الطريق.

مسألة التعديل الوزاري وتغيير وجوه من الحكومة الحالية لم تحسم بعد، وإذا كانت ستحصل، وتأمين التوافق السياسي عليها. يريد الحريري إجراءها، ضمن سلة واحدة مع تعيين وزراء جدد للشؤون الإجتماعية والعمل والتنمية الإدارية ونيابة رئاسة الحكومة، كل ذلك لعدم إستفزاز الشارع لا القوات التي، وبحسب مصادر مقربة من الحريري، "أصبحت في مكان، ورئيس الحكومة في مكان آخر كلياً".