الإنتفاضة في يومها الحادي عشر، إنها أطول الإنتفاضات في تاريخ ​لبنان​ لجهة اتساعها جغرافيًا وعدم اقتصارها على منطقة معينة دون الأخرى وعلى طائفة معينة دون الأخرى:

الجوع يوحِّد، والضائقة توحِّد والخوف على المستقبل يوحِّد.

ولكن، بعد أحد عشر يومًا على الإنتفاضة، بدأت تلوح بارقة أمل، وسببها الرئيسي أن الناس صمدوا في الشارع ولم يخافوا لا من التهويل ولا من التهديد بل كانوا ضامنين ان القوى الأمنية هي إلى جانبهم، أليس أفراد القوى الأمنية من هذا الشعب، ويعانون ما يعانيه؟ أليس لهم أباء وأمهات وأولاد وعائلات وأقارب يعانون ما يعانيه الشعب؟ إنهم هُم الشعب!

***

بعد احد عشر يومًا بات من الممكن الحديث عن تحولات سياسية لكن العبرة تبقى في التنفيذ:

كيف بدأت التحولات؟

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بخطابه مع تغيير الواقع الحكومي من ضمن الآليات الدستورية.

لاقاه رئيس الحكومة في منتصف الطريق فرحَّب بدعوته.

رفع الأمين العام لحزب الله لاءاته الثلاث: لا استقالة لرئيس الجمهورية لا اسقاط للحكومة لا تقصير لولاية مجلس النواب.

***

للوهلة الأولى بدأت السيناريوهات تتوالى:

1- تعديل الحكومة ثم تغيير حكومي مع عودة الرئيس الحريري على رأسها.

2- ثم تغيير حكومي حتى مع رئيس حكومة جديد.

3- ثم تشكيل حكومة من دون ان يكون فيها أي نائب.

وُضِعَت كل هذه السيناريوهات على الطاولات في المقرات، لكن قبل ذلك كان المطلوب انسحاب المعتصمين من الشوارع والساحات والمناطق.

***

وُضِعت خطة أمنية لتنفيس الأوضاع في الشارع، لكن الخطة لم تنضج نهائيًا لأن القوى الامنية تريد ان تتعامل بأقصى درجات الوعي مع الشعب المليوني، والذين هم على الأرض يحترمون القوى الأمنية لكنهم لا يثقون بالسياسيين وبالتالي يريدون ان يروا شيئًا ملموسًا من السلطة قبل الخروج من الشارع.

***

هنا بدت الأمور أنها لم تنضج نهائيًا بعد، وما زالت الطريق طويلة وربما تكون محفوفة بالألغام السياسية وغير السياسية: فالمندسون كثر، والطوابير الخامسة جاهزة، والمطلوب أقصى درجات الحيطة والحذر خصوصًا ان الانتفاضة بلغت يومها الحادي عشر من دون ضربة كف باستثناء بعض المناطق حيث يحاول كثيرون استغلالها، وما حدث في البداوي في الشمال مساء السبت خير دليل على ذلك.

شعب الإنتفاضة المليوني من كل الناس: فيه العامل

والمهندس

والطبيب والمحامي،

وهل أجمل من أن نشاهد رئيس الجامعة الاميركية في بيروت يعطي دروسًا لطلابه في وسط بيروت؟

ربما هذا المشهد الغني والمتنوِّع هو الذي "جنَّن" الذين يعترضون على الإنتفاضة ويحاولون إطفاءها بأي ثمن.

***

في مطلق الأحوال، المطلوب التنبه والوعي، فلبنان ليس جزيرة معزولة، لنتابع ما يجري في سوريا، بعد مقتل رئيس تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي، ولنتابع ما يجري في العراق.

المنطقة تغلي، ولبنان من هذه المنطقة.

***

ولكن يداً بيد انتفاضةُ المليونين الحضاريةُ من الشمالِ الى جنوبِ الوطن لن يقوى عليها أحدٌ... الجيش والشعب فعل إيمان.