لم يعد خافياً على أحد بأن التحركات التي شلّت البلد ب​قطع الطرقات​ والإعتصامات منذ ١٣ يوماً، تدفع تمويلها جهات داخليّة وخارجيّة، وهذا أمر لا يحتاج الى نقاش لتأكيده. تمويل، مصدره إمّا الأحزاب، وإما جهات خارجيّة عبر جمعيات ومنظمات تعمل لصالحها في ​لبنان​، واليكم هذا الكم من الأمثلة.

بعد ظهر الثلثاء الماضي وتحديداً عند الساعة الثالثة، وبعدما رجحت كل المصادر إحتمال إستقالة رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​، قامت مجموعة بتدمير كل محتويات الإعتصامين في ساحتي الشهداء و​رياض الصلح​، حرقت ما حرقته من خيم، وخرّبت ما تبقى منها، إضافة الى تدمير كل الطاولات التي خصصت للأمور اللوجيستية من أعلام وشعارات ومياه للشرب ومأكولات وقهوة. تدمير حوّل ساحتي الشهداء ورياض الصلح الى ساحتي حرب لساعتين ونيف فقط. نعم لساعتين ونيّف فقط، لكنّ المشهد في وسط العاصمة سرعان ما عاد الى ما كان عليه وبسرعة هائلة. بسرعة كبيرة، وتحديداً عند الساعة السادسة تقريباً، نصب المتظاهرون عشرات الخيم ​الجديدة​ في الساحتين، وكأنّ الشاحنة التي نقلت هذه الخيم الجديدة، كانت مركونة ومجهّزة مُسبقاً في أحد شوارع الوسط التجاري، وهنا لا بدّ من الإشارة الى أنّ سعر الخيمة الواحدة من هذه الخيم الملوّنة والمثبّتة بقواعد حديدية لا يقل عن مئة دولار أميركي، هذا إذا كنا نتحدث عن الحجم الأصغر منها.

مثال آخر عن التمويل، يظهر بتركيب مكبّرات جديدة للصوت وأيضاً عند السادسة من مساء الثلثاء، بعدما دُمّرت المكبرات الصوتيّة التي كانت موجودة في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، ولمن لا يعرف تفاصيل إضافيّة عن هذه الأجهزة، سعرها مرتفع جداً وبآلاف الدولارات، وإيجارها أيضاً مرتفع لليوم الواحد، فكيف عندما يكون الإيجار لثلاثة عشر يوماً؟ فمن تحمّل تعويض سعرها لصاحبها بعد تكسيرها؟!. ومن أين جاءت الأموال لتركيب أجهزة أخرى بعد التكسير بساعتين؟!.

ما تقدّم أعلاه نموذج عن التمويل الذي يحظى به حراك ​المجتمع المدني​ والمجموعات اليسارية والجامعيّة في ساحتي العاصمة بيروت. أما إذا أردنا إعطاء أمثلة لم تنشر بعد عن تمويل الأحزاب لحراكها، فإليكم هذه التفاصيل. فعلى ​ساحة ساسين​ في الأشرفيّة، حيث تدير احدى الأحزاب الإعتصام، تحت راية ​العلم اللبناني​، تبلّغ المعتصمون صباح الأحد الفائت، ومن مسؤول حزبي رفيع، أنّ بإمكانهم دعوة من يريدون ظهراً لتناول الغداء في الساحة والطبق الأساسي "باربيكيو" مشاوي، ولمن لا يعرف كلفة شراء المشاوي والمأكولات والمشروبات، لمئتي شخص تقريباً علماً أن عدد المشاركين أكبر، فليسأل والجواب سيأتي بآلاف الدولارات.

في الزوق مثلاً حيث صبغة الإعتصام معروفة أيضاً لأيّ من الاحزاب اللبنانية، تصلح مكبرات الصوت الموجودة هناك لإقامة مهرجان صيفي ضخم ولكبار الفنانين.

أما في ​جل الديب​، حيث تشكل أحد الأحزاب في المتن عصب الإعتصام، فلا تمر ليلة واحدة من دون برنامج فنّي إما للكبار وإما للأطفال. مكبرات صوتية ومسرح ضخم بكلفة عالية، هذا من دون أن نتوقف عند الخيم المنصوبة بأعداد كبيرة، وعن كميات المأكولات والمشروبات التي توزع على المعتصمين.

ما كتب أعلاه، هو غيض من فيض هذا التمويل المشبوه، وإذا لم يكن هناك تمويل كما يقول المعتصمون، فلمن ستقدّم دفاتر الفواتير التي عثر عليها في خيم الإعتصامين بعد الإعتداء الأخير قبيل فكّ الاعتصام بليلة واحدة، والتي إنتشرت فيديوهاتها على وسائل التواصل الإجتماعي؟!.