على الرغم من التوجه الواضح نحو ترحيل الإستشارات النيابية الملزمة إلى بداية الاسبوع المقبل، لم تتوقف المشاورات بين مختلف الأفرقاء للوصول الى حلول على معالم المرحلة المقبلة، لا سيما أن الإتفاق على تسمية رئيس الحكومة المكلف من المفترض أن ينعكس على شكلها ونوعيّة الوزراء الذين سيشاركون فيها.

إنطلاقاً من ذلك، لا يبدو أن الإتفاق على الاسم بالأمر السهل، حتى ​الساعة​، بالرغم من أن أسهم رئيس الحكومة المستقيل ​سعد الحريري​ لا تزال مرتفعة، نظراً إلى أن أحداً من القوى السياسية الأساسية ليس في وارد الخروج عن هذا التوجه، الذي قد يكون له تداعيات خطيرة على المستويين الأمني والإقتصادي، بغضّ النظر عن حالة عدم الرضا على الخطوة التي قام بها، لدى "​حزب الله​" و"​التيار الوطني الحر​" بشكل أساسي.

من هذا المنطلق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى حركة إتصالات كبيرة قائمة بين مختلف الأفرقاء، من المفترض أن تظهر نتائجها في اليومين المقبلين، الأمر الذي يُفسر رفض معظم مراكز القرار الرئيسية الإفصاح عمّا لديها من معطيات جديدة، لكنها تجزم بأنّ الإتفاق على شكل الحكومة المقبلة هو الأولويّة، خصوصاً مع تفضيل الحريري الذهاب إلى حكومة تكنوقراط.

وتلفت هذه المصادر إلى أن هذا الطرح يصطدم بالعديد من العراقيل، التي تأتي بالدرجة الأولى من الإختلاف حول توصيف مصطلح تكنوقراط، حيث تُصر بعض القوى السياسية على أن المطلوب تشكيل حكومة سياسية من إختصاصيين، نظراً إلى أن الذهاب إلى حكومة إختصاصيين غير سياسية لا ينسجم مع طبيعة ​النظام اللبناني​ الطائفية، وتوضح أن الطرح الأول غير واقعي، لا سيما أن الحكومة المقبلة سيكون عليها التعامل مع العديد من الملفات الأساسية، منها: العقوبات الإقتصاديّة الأميركية، قضيّة ​النازحين​ والعلاقة مع ​سوريا​، الإعتداءات الإسرائيليّة، ​ترسيم الحدود​ البحريّة والبريّة والثروة النفطيّة، ​صفقة القرن​.

من وجهة نظر المصادر نفسها، أي حكومة غير سياسيّة لا يمكن لها التعامل مع هذه الملفات، وبالتالي ستكون عرضة للسقوط في الشارع أو في المجلس النيّابي عند أيّ تحدٍّ جديٍّ تصطدم به، وتلفت إلى مشكلة دستورية لا يمكن القفز حولها تتعلق بضرورة تمثيل ​الطوائف​ والمذاهب في الحكومة، الأمر الذي يدفع إلى التأكيد بأن حكومة التكنوقراط من غير السياسيين تتطلب أن يكون النظام اللبناني قد انتقل إلى مرحلة ​الدولة​ المدنيّة، لا سيما أن البعض يذهب إلى طرح حكومة تكنوقراط تُمنح صلاحيات تشريعيّة إستثنائيّة لإدارة المرحلة ووضع قانون إنتخاب جديد، الأمر الذي تصفه بـ"الهرطقة الدستوريّة" التي لا يمكن القبول بها بأيّ شكل من الأشكال.

في هذا السياق، ترى المصادر السياسية المطّلعة أنّ الإتفاق على صيغة حكومة سياسيّة من إختصاصيين هو مفتاح الإنطلاق إلى المرحلة الثانية، التي تتطلب البحث في الأسماء والحصص الوزاريّة، خصوصاً إذا ما كانت القوى السياسية التي شاركت في الحكومة المستقيلة تريد المشاركة فيها، نظرا الى أن التوازنات ستكون مختلفة عما كانت عليه، وتضيف: "على الرغم من هذه النقاط كانت هي أساس العرقلة في عملية تشكيل الحكومات السابقة، في حين أن شكل الحكومة ورئيسها يكون من البديهيات، باتت اليوم ​القاعدة​ مختلفة حيث أن التوازنات لن تكون المشكلة الأساس بل شكل الحكومة واسم رئيسها".

وتلفت هذه المصادر إلى أنّ القسم الأكبر من الكتل النيابيّة، حتى أغلب تلك التي تدور في فلك قوى الثامن من آذار سابقاً، لا يمانع إعادة تسمية الحريري، لكن هذا الأمر يتطلب منه عدم الإصرار على تشكيل حكومة تكنوقراط غير سياسيّة، نظراً إلى أنّ ذلك سيقود للدخول في أزمة سياسية مفتوحة، وهو ما ينطبق أيضاً على الواقع في حال قرّرت قوى الثامن من آذار الذهاب إلى المواجهة، عبر تسمية شخصيّة سنية أخرى ل​رئاسة الحكومة​ لا تحظى بموافقة الحريري أو من دون التنسيق معه.

في المحصلة، تشدد المصادر نفسها على أن الفترة الفاصلة عن بداية الاسبوع المقبل من المفترض أن تحسم الكثير من التساؤلات التي لا تزال دون أجوبة، خصوصاً أنه لا يمكن الإنتظار أكثر من أجل تحديد موعد الإستشارات النيابيّة الملزمة، فهل تكون حكومة الإختصاصيين السياسيّة هي المخرج؟.