اشار المفتي ​الشيخ أحمد قبلان​ إلى "أن ​السلطة​ بكل إمكانياتها يجب أن توظّف لصالح الناس، وتأمين حقوقهم، بعيداً عن الفساد والإستبداد والاستئثار، وتسليط الأتباع على الموارد والمرافق، في نفس الوقت يجب أن يكون الناس أهل حقّ واستقامة ووعي ونضال ومطالب شرعية وأساليب محقّة، لا أن يتحوّلوا عوناً لفاسد ودعماً لظالم مستبد، بالتالي المفروض فيهم أن لا يمارسوا فساد المصالح وتضييع الحقوق، ووثنية الانتماء، ولعبة الزواريب، و​قطع الطرقات​، والتوظيف السياسي لفاسد أو بخلفيات فاسدة، سياسية كانت أو غير سياسية، لأن الفساد فساد، سواء كان ب​قطع طريق​ أو بقطع أرزاق الناس أو بتوظيف الشارع لسياسي فاسد أو لمشروع فاسد أو لطاغوت مستبد".

وشدّد سماحته خلال خطبة الجمعة، على أنه "لقد كنّا من السبّاقين بالنقد السياسي في وجه الفساد، لدرجة أن كثيراً من أهل السلطة كان يستنكف ويمتعض، ورغم ذلك لم تتحرّك الموجات الشعبية والوقفات الاعتراضية في وجه الفساد، لأن الحقيقة المرّة تكمن في كيانات حراكية مختلفة جرى انشاؤها لوظائف مختلفة، بسواتر مختلفة، سواءً ساتر ​رغيف الخبز​ أو فرصة العمل و​البطالة​ وغير ذلك، ورغم ذلك أكّدنا على ضرورة الأخذ بصوت كل مظلوم ومحروم ومهموم ومضيّع ويائس، والانتصار للشعب الذي يجري نهبه ونهب دولته ومؤسساته وموارده دون انقطاع أو شبع. لكن ليس على طريقة خروج موجات شعبية استفاقت من نومها اليوم لتتهم من وظّف كل طاقاته في مواجهة الفساد السياسي والمالي والنقدي والإعلامي والاقتصادي، ثم تتهمه بالشراكة مع السلطة، رغم أنه كان عدوّ فساد السلطة، والصوت الصريح بانتقادها والاعتراض عليها، فيما أكثر من خرج للشارع في الأمس القريب كان شريكاً في إنتاج السلطة التي يتهمونها بالفساد والنهب والسلب والمصادرة بكافة أشكالها. مشيراً إلى "أن مشكلة الحراكات التي كانت بالأمس دشمة منيعة للفاسد، هي اليوم دشمة مجيّرة لغيره ممن يوظّفها في السواتر الاجتماعية والمطلبية، ولغايات سياسية واتهامية وهذا الأمر لم يعد خافياً على أحد. بتعبير آخر، جماعة الحراك آخر ناس يحق لهم الاعتراض أو الانتقاد أو توجيه التهم، لأن أمسهم القريب والبعيد غارق بدعم الفساد وحيتانه بمختلف أشكال الفساد، ولا أقول ذلك لأدافع عن ​الحكومة​ والسياسات ​الفاسد​ة أو مشاريع النهب والسمسمرة والسلب والحيتان الذين حوّلوا البلد إلى حطام، لأننا كنا أول من تصدّر الخطاب الاجتماعي والمطلبي والنقد السياسي، واستصرخنا الناس بكل مفصل وموسم وجمعة ومناسبة، لأن يتّخذوا مواقف سياسية واجتماعية تمنع سقوط ​الدولة​، ونهب إداراتها ومؤسساتها ومواردها وتقاسم وجودها، إلا أن أغلب الناس وعلى رأسهم جماعة الحراك كانوا في واد آخر، وكأنهم أموات".

وأضاف المفتي قبلان: "نحن كنا ولا زلنا ضد الفساد، وضد مصادرة الدولة، وضد الطائفية، وضد تحويل الدولة إلى مزرعة، وضد مقاسمة الدولة، وضد الميثاق الوطني الفاشل الذي قدّم لنا ​قنبلة​ طائفية باسم دولة، كنا وما زلنا ضد حصر كل شيء بالباب العالي، ضد الاستثئار الذي حوّل وزارات وموازنات وقطاعات البلد حتى الحاجب، حوّلوا كل ذلك إلى كعك، كنا وما زلنا ضد مذهبة الشعب، ومذهبة الوظيفة، ومذهبة السلطات العامة، ومذهبة ​القضاء​، ومذهبة ​القوى الأمنية​، ومذهبة القرار السياسي المالي النقدي، ضد مذهبة الشارع، ومذهبة رغيف الخبز ووجع الشعب. كنا وما زلنا مع مشروع الدولة الضامن، مع دولة المواطنة، مع السلطة العادلة، مع السلطة التي لا تنهب ولا تصادر ولا تستأثر ولا تتقاسم رؤوس الناس، والوظيفة و​الموازنة​ والتهريب والتهرّب الضريبي والمشاريع والتلزيمات والصفقات القذرة، مع دولة المؤسسات، مع الدولة المؤسسة المحصنة ضد من يحكم، مع القضاء الممنوع على السلطة الفاسدة، مع الناس كناس، مع الشعب الحر كشعب حر، بعيداً عن التمويل والجمعيات المزروعة لغايات مشبوهة، مع رفع الحصانة عن الرؤساء والوزراء والنواب والموظفين، سواء كانوا حاليين أو سابقين، مع رفع ​السرية المصرفية​، مع إصلاح ​التفتيش المركزي​ و​ديوان المحاسبة​، وأنظمة الرقابة والقيود النظامية على عمل الرؤساء والمؤسسات المختلفة، مع إنشاء هيئات قوية وقادرة على ​محاربة الفساد​ بكل أشكاله، مع الاعلام الوطني ضد الاعلام الموظف ككتيبة دمار شامل، وفق عقلية من يبيع ويشتري. هكذا كنا وما زلنا، كنا يوم كانت كل الناس في واد آخر وما زلنا، سوى أن البعض ولغايات غير سوية، حاول اللعب بالأولويات على طريقة سحب الشارع من شارع مطلبي إلى شارع همّه التصويب على ​المقاومة​، كندّ ل​إسرائيل​ والمشاريع الاحتلالية الأخرى التي تمارسها دول المحور المعادي للمقاومة ومشروع استقلال البلد".