الشعب، ومنذ 17 تشرين الأول الفائت وحتى اليوم، سجَّل انتصارات أو على الأقل نقاطًاً في مرمى ​السلطة​، والفضل في ذلك يعود أولًا وأخيرًا إلى "شعب الإنتفاضة"، قيادةً وجمهورًا، حتى لو كانت ​القيادة​ غير منظورة، لألف سبب وسبب، ومن الأسباب أن هذه القيادة، وهي من خيرة هذا المجتمع، وصاحبة كفٍ نظيف غير ملوث، ومتفانية في حب ​لبنان​ والدفاع عنه، وحريصة على القيم، وتعتبر الشأن العام خدمة لا ترفاً، كما تعتبر ان ​المال​ العام هو "وديعة" لدى المسؤولين وليس "غنيمة" بالإمكان التصرف بها .

ولهذا فإن الفرق شاسع بين "قادة الإنتفاضة" و"الطبقة السياسية" الحاكمة، وما يجب ان يحدث هو ان تكون الفترة المقبلة "فترة إنتقالية" بين طبقة حاكمة ثبت فشل الكثير من وجوهها، وفساد الكثير من وجوهها أيضًا، وبين "قادة الإنتفاضة" الذين لديهم أفكار ومشاريع وخطط لكنهم يخافون عليها إذا ما تم طرحها ليطبقها أشخاص يتسلمون السلطة حاليًا، وسبق ان نفذوا مشاريع وخططًا لكن تنفيذهم جاء منقوصًا ومشوبًا بالكثير من العيوب .

الأمثلة على ذلك كثيرة، ومنها :

تسلَّموا أموال "​باريس​ 1" و"باريس 2" و"باريس 3" فماذا فعلوا بها؟ وأين ذهبت هذه الأموال؟

تسلموا الـ 11 مليار ​دولار​ ​مساعدات​ إثر عدوان تموز، فماذا فعلوا بها؟

تسلموا السلطة التنفيذية لأكثر من عقد من الزمن فاحجموا عن وضع الموازنات العامة، واستمروا يُنفقون على ​القاعدة​ الإثنتي عشرية، وما أدراك ما الصرف وما الهدر على القاعدة الاثنتي عشرية .

تسلموا السلطة فأدخلوا المحاسيب والأزلام في الإدارات العامة والمؤسسات وأرهقوا الخزينة في رواتب لا لزوم لها .

تسلموا السلطة فاوصلوا ​الدين العام​ إلى مئة مليار دولار دينًا .

ماذا ينتظرون ليتنحوا؟

ماذا ينتظرون ليُخلوا الساحة لمرحلة انتقالية تُفضي في نهاية المطاف إلى ان يتسلَّم قادة الإنتفاضة زمام المبادرة؟

***

فلتكن استشارات التكليف بأسرع وقت ممكن، وليسمِّ النواب مَن يريدون ل​تشكيل الحكومة​، وليبدأ الرئيس المكلَّف استشارات التأليف، وليكن ذلك بأسرع وقت ممكن، فالأمور لم يعد بمقدورها ان تنتظر، والأهم من كل ذلك ان كلمة الإنتفاضة يجب ان تكون مسموعة سواء في استشارات التكليف أو في استشارات التأليف .

السؤال الكبير: ما هي مشكلة تأخير استشارات التكليف؟

من شأن هذا التأخير أن يؤجج الصراع أكثر فأكثر .

ولكن أين مصالح الناس؟

إن الطرق مقطعة الاوصال، فما هي الإنعكاسات على ذلك؟

تفضَّلوا استعجلوا، فهذه المرة الإستعجال بات ضرورة ملحة .

صحيح ان لا مهلة في ​الدستور​ للبدء باستشارات التكليف وإنجازها، لكن نية المشرِّع ان لا تطول كثيرًا، ولأن الأمر يتعلَّق بالحاجة القصوى والضرورة

القصوى، فإنه بات لزامًا التعجيل في الدعوة إلى هذه الإستشارات، ولاحقاً يُصار الى النظر بعيوب وشوائب بعض مواد الدستور.