في مقال سابق تحدثت "النشرة" عن الخسائر اليومية للاقتصاد اللبناني جرّاء الإقفال التام للبلد، تحت عنوان "هل يتحمل الإقتصاد الحجم الهائل للخسائر الماليّة اليومية"؟، ويومها تطرّقنا الى الأرقام بعيدا عن معاني ​الحراك الشعبي​ و​التظاهرات​ وأهدافها. وفي هذا المقال سنتحدث عن واقع القطاع السياحي الذي تعرّض لنكسة أولى إبّان حادثة قبرشمون، واليوم يتعرّض لنكسة ثانية أخطر بكثير من الأولى.

قلنا سابقا أن حوالي 255 مليون دولار يخسرها الاقتصاد الوطني يوميا بظل ما يجري، إضافة الى خسائر هائلة كبيرة في قطاعات مختلفة في الدولة، ولكن قد يكون القطاع السياحي أكثر وأبرز المتضررين اليوم، اذ يكشف وزير السياحة ​أواديس كيدانيان​ أن نسبة الحجوزات في فنادق العاصمة اللبنانية لا تتجاوز الـ5 بالمئة بحدها الأقصى، وهذا كفيل لوحده أن يلخّص الصورة.

ويضيف كيدانيان في حديث لـ"النشرة": "كثير من الحجوزات مع شركات ومنظمي رحلات أوروبيّة ألغيت في شهر تشرين الثاني، كذلك حصل الأمر نفسه مع بعض الحجوزات الشهر الماضي، ولكن نسبة إلغاء الحجوزات تتركّز بقسمها الأكبر في شهري تشرين الثاني الحالي وكانون الأول المقبلين.

يؤكد كيدانيان أن القطاع السياحي ككل القطاعات تأثر سلبا بما يجري في الشوارع، مشيرا الى أنه لا يتحدث عن الحراك أو الثورة، بل يتحدث بحسب الواقع القائم على الطرقات والإدارات، وأعمال الشغب، والأمور التي أدّت لإلغاء الحجوزات. ويضيف: "أتأسف ان كل ما كنا نتوقعه للعام 2019 انتهى، اذ تأثر الموسم السياحي بداية بحادثة قبرشمون، التي تمكنّا من حصر مفاعيلها واستعادة العافية بشهر آب وأيلول، وعدّة أيام من تشرين الأول، وبما يجري مؤخرا، حيث سيكون الوضع في شهر تشرين الثاني سيئا جدا".

الى جانب هذه الخسائر الضخمة، يكشف وزير السياحة عبر "النشرة" عن خطر يتهدّد وجود فنادق تابعة لسلسلة عالميّة، في لبنان، إذ يتحدث عن توجّه لدى هؤلاء للإقفال بحال استمر الوضع الراهن لشهرٍ إضافي، كونهم يشعرون بأن ما يجري حاليا يُنهي أعمالهم في بيروت. وبعيدا عن ​الفنادق​، يتحدث وزير السياحة عن وضع ​المطاعم​، فيوضح أن وضعها بات سيئا جدا، كذلك الأمر في عدد من المقاهي، مشيرا الى أن أغلب العاملين في هذا القطاع أبلغوا الموظّفين بأن الدوامات ستُقتطع الى النصف، وكذلك الرواتب خلال الشهر الجاري، لأن المطاعم لا تستطيع تأمين الاموال اللازمة للعمل في هذه المرحلة.

ويلفت كيدانيان النظر الى أنّ استمرار الوضع القائم حاليا لشهر إضافي يعني توديع إيجابيات شهر الاعياد. ويضيف: "أما اذا انتهت الأمور في الأيام القليلة المقبلة، وعاد الهدوء الى الشارع، وتشكّلت الحكومة، فبالإمكان الاستفادة من الأعياد، ولكن هذا الأمر بحاجة الى جهد كبير جدا من الحكومة ووزير السياحة المقبل، لأننا بحال تركنا فراغا كبيرا في الأسواق الأوروبيّة، فلن نتمكن من تقليصه بوقت قصير".

لا أحد يعلم المكان الذي يتّجه اليه الإقتصاد اللبناني، ولكن الأكيد أنّه لن يكون مكاناً جيّداً، وكل المؤشّرات تدلّ على مرحلة قاتمة مقبلة، سواء من خلال سعر صرف الليرة، أم أسعار السلع الاستهلاكيّة في الأسواق، أم الوضع السياحي وتداعياته على الفنادق والمطاعم والمقاهي.