لفت أحد أصدقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​ المقرّبين منه، في حديث إلى صحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "بعد استماعه إلى الخطاب الأوّل لرئيس الجمهورية ​ميشال عون​ وَجده خارج السياق، لكنّه استبشَر خيرًا عند تَمعّنه في الخطاب الثاني الّذي فتح نوافذ حقيقية للحل، واستعدادًا للذهاب إلى تسويات معيّنة". أمّا بالنسبة إلى خطاب الأمين العام لـ"​حزب الله​" السيد ​حسن نصرالله​، فوجد أنّ الأخير "أقرّ بوجوب إخضاع أسباب الانتفاضة للعلاج والنقاش، لأنّه اقتنع بالبراغماتيّة الشعبيّة المُنتفِضة على الجوع وعلى الوضع القائم".

ووصف تظاهرة "​التيار الوطني الحر​" بـ"المعركة الخاسرة سلفًا، بسبب حجم التفاوت بينها وبين باقي ​التظاهرات​. ولو كانت مشروعة، فرئيس "التيار" وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ استعجَل في خطابه، فلم يكن موفّقًا حين قال إنّ موجة الانتفاضة ارتفعت من ثمّ انحسرت، وانّ الموجة المقبلة هي موجتنا، رافعًا من ​بعبدا​ أعلام "التيار" للقول إنّنا من هذه الساحة نفرض شروطنا من جديد، وكأنّ شيئاً لم يكن، وكلّ شيء باقٍ على ما هو عليه".

ورأى صديق الحريري أنّ "الحل ليس في من يدخل إلى الحكومة ومن يُستبعد منها، بل يقوم على تسوية جديدة"، كاشفًا أنّ "الحريري حين قدّم استقالته قال لرئيس الجمهورية ميشال عون: "أنا أجريتُ تسوية معك وليس مع باسيل، كيف الخلاص؟". وأوضح أنّ "الخلاص بإعادة الاعتبار للتسوية الّتي تمّت بين الأفرقاء، والّتي أدّت إلى وصول عون إلى الرئاسة. وكانت لهذه التسوية شروط وقواعد، وبمجرد أن وصلَ عون إلى الرئاسة ضربَ العهد بعرض الحائط كلّ الشروط والقواعد".

وركّز على "أنّنا إذا أردنا إعادة الاعتبار إلى التسوية، فيجب علينا إعادة التوازن إليها، لأنّ وبصرف النظر عن التوازن السياسي الداخلي القائم، فإنّ التوازن التاريخي المُجتمعي ال​لبنان​ي لا يسمح بالخلل، وفي كلّ مرّة يحدث الخلل ينفجر البلد. يبدأ الحل بالكَفّ عن استعمال لبنان محورًا أو أرضًا للمحاور، وهنا يجب على اللبنانيين الشرفاء المبادرة واستعادة دورهم بمساحة مفتوحة وحرّة لجميع الناس، ليعود لبنان ممرًّا اقتصاديًّا وثقافيًّا للجميع في الشرق، وعندئذ يستعيد لبنان ثقته بنفسه وثقة المجتمع العربي والدولي".

وأفاد بأنّ "هذا لا يحصل إلّا إذا ترافقت التسوية الجديدة، باتفاق مع ​الاتحاد الأوروبي​ ومع ​دول الخليج​ بالتوازي لتشكيل وسادة ماليّة ذات قيمة ووزن توقِف الانهيار النقدي في البلد، وفي هذه اللحظة نكون أمسكنا بطَرف الخيط لنبدأ حياكة لبنان الجديد". وأشار إلى أنّ "الاتحاد الأوروبي ليس بعيدًا عمّا يجري على الأرض، وهو يراقب من بعيد مجرى التطورات، وهو اليوم في صميم تلك المفاوضات، وكذلك البلاد العربية الّتي تبدو أيضًا متجاوبة"، كاشفًا عن أنّ "الحريري، وفي آخر زيارة له إلى ​الإمارات​، بحثَ في هذا الصدد مع المعنيين".

كما أكّد أنّ "الانتفاضة الّتي حصلت أنتجَت نتائج سياسيّة لم يكن باستطاعة حتّى الحروب إنجازها"، مذكّرًا بأنّ "الحكومات في لبنان يوقّع عليها "حزب الله" قبل التشكيل، لكنّ الوضع اختلف اليوم، لأنّ الحزب كان قد نَصب خيمته في الحكومة على وَتدَين: شيعي ومسيحي. وبعدما تَحلّل اليوم الوتد الشيعي، أصيب الوتد المسيحي بأضرار فادحة". ولفت إلى أنّه "بما أنّ الحزب لديه البراغماتيّة الخاصّة به، فإنّه سيلجأ إلى إعادة التموضع لإنتاج صيغة أُخرى، لأنّ الدولة هي حاجة ماسّة له وللطائفة الشيعية تحديدًا، وإنّ أيّ كلام على أنّ "الحزب" يريد أخذ البلاد الى الفوضى هو تحليل غير مدروس، لأنّ لا مصلحة للحزب في الفوضى".

أمّا عن عودة الحريري، منوّه صديقه إلى "أنّني لا أعلم إذا كانت تسمية الحريري تشكّل حاجة للتسوية الجديدة، أو يمكن أن تكون حاجة خارجيّة وليس فقط داخليّة، ولكن ما أعلمه هو أنّه كان ذكيًا حين تَقبّل النصيحة. إستقال، وبعد الاستقالة كان أكثر ذكاءً عندما اكتفى بالابتعاد والصمت".