على وقع التحركات المستمرة في الشارع، منذ السابع عشر من الشهر الماضي، لم تظهر أي مبادرة سياسية حقيقة للخروج من الأزمة الراهنة على المستوى السياسي، التي فرضتها استقالة رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​سعد الحريري​، باستثناء تلك التي تقدم بها رئيس "​التيار الوطني الحر​" ​جبران باسيل​، خلال لقائه الأخير مع الحريري، إلا أنها حتى الساعة لم تكتمل، الأمر الذي يُفسر عدم تحديد موعد ​الاستشارات النيابية​ الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف الجديد.

في هذا الوقت، برزت العديد من الدعوات التي لا تزال تدور في فلك حكومة التكنوقراط والاختصاصيين، أبرزها ما تحدث عنه رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ اليوم، الذي أعرب عن رغبة حزبه في تشكيل حكومة أخصائيين مستقلين لا علاقة لهم بالأكثرية السياسية، معتبراً أن أي محاولة لتشكيل حكومة أخصائيين تسميهم هذه الأكثرية أمر مرفوض.

في المقابل، لم يبرز أي موقف موحد من القوى التي تشكل الأكثرية السياسية حتى الساعة، التي لا تزال حتى الآن تنتظر موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال، بحسب ما تؤكد مصادر سياسية مطلعة، من الاقتراحات التي عرضت عليه من جانب رئيس "التيار الوطني الحر"، خصوصاً أنها لا تزال تعتبر أنه شريك أساسي في الحل، وبالتالي التفكير بأي أمر آخر من المفترض أن ينطلق بعد معرفة موقف الحريري، الذي لم يصل حتى الساعة.

على الرغم من ذلك، لا تنظر هذه المصادر بسلبية إلى حالة الانتظار الراهنة، حيث تؤكد أن الاقتراح يتفاعل، وتلفت إلى أن الحوار بين أشخاص الطرقات في ما بينهم مقطوعة عاد من جدد، ما يعني أن من الممكن الرهان على الوصول إلى نتائج إيجابية في وقت قريب، تكون كفيلة بإخراج البلاد من الأزمة الحالية على المستوى السياسي، خصوصاً أن الجميع يدرك حجمها.

في الإطار نفسه، لا تنظر المصادر نفسها إلى أن الأكثرية السياسية، لا سيما "التيار الوطني الحر"، لا تعتبر أن الطرح المقدم إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال منزّل، لا بل هي منفتحة لأي حلول أخرى من الممكن أن تساهم في الوصول إلى النتيجة المرجوة، وترى أن تسمية شخصية تحظى بثقة الحريري ل​رئاسة الحكومة​ المقبلة، من الممكن أن تؤدي إلى نتائج جيدة، مع فتح باب الحوار مع ​الحراك المدني​.

على صعيد متصل، لا تتردد المصادر السياسية المطلعة في التعبير عن استغرابها من الطرح الذي تقدم به رئيس حزب "القوات اللبنانية"، لناحية تشكيل حكومة اختصاصيين وحياديين، حيث تعتبر أن جعجع يريد الانقلاب على نتائج ​الانتخابات النيابية​ الأخيرة، وبالتالي الذهاب إلى مرحلة جديدة، في سياق السعي الدائم إلى استغلال ​الحراك الشعبي​ من أجل تحقيق أهداف سياسية محددة.

في حين تُصر هذه المصادر على وصف دعوة جعجع الحكومية بـ"الانقلابية" على ​المؤسسات الدستورية​، تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول كيفية حصول الصيغة الحكومية التي يطرحها على ثقة ​المجلس النيابي​، في ظل وجود أكثرية نيابية لديها وجهة نظر معينة في كيفية التعامل مع الأزمة.

في المحصلة، يبدو أن الأكثرية السياسية، التي لا تزال تُصر على الحوار والتعامل بإيجابية مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، لا تنظر إلى حزب "القوات اللبنانية" من ضمن الاطار نفسه، خصوصاً بعد أن كان أعلن مواقف واضحة، منها عدم الرغبة في المشاركة بالحكومة المقبلة.