منذ السابع عشر من تشرين الأول الفائت، وعلى وقع ما شهده الشارع اللبناني من تحركات شعبيّة بعناوين مطلبيّة وغير مطلبيّة، إستعملت أكثريّة القوى السياسيّة شارعها لإيصال ما تريد إيصاله للآخرين من رسائل في ​السياسة​. ​القوات اللبنانية​ و​حزب الكتائب​ و​الحزب التقدمي الإشتراكي​، كانوا أول من لجأ الى إستعمال الشارع. ركبوا موجة التحركات الشعبيّة، وراحوا يقطعون الطرقات في ​زوق مصبح​ وجلّ الديب وخلده وغيرها من المناطق. في المقابل، ردّ التيار الوطني الحرّ الأحد الفائت على هؤلاء مستعملاً شارعه لدعم العهد و​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، وذلك في ​تظاهرة​ أقامها أمام ​القصر الجمهوري​. كذلك إستعمل ​تيار المستقبل​ شارعه لدعم رئيس ​الحكومة​ المستقيل ​سعد الحريري​. في المقابل لم يستعمل ​حزب الله​ شارعه،لا في تحرّكات نوعيّة عبر مجموعات صغيرة ولا في تظاهرة حاشدة كما كان يحصل سابقاً. أمينه العام ​السيد حسن نصرالله​ قال في إحدى إطلالاته،" إذا نزلنا إلى الشارع لن نتركه قبل تحقيق كل المطالب، ونزولنا الى الشارع يعني أن البلد سيسير إلى اتجاه آخر، ولكن إذا جاء وقته فستجدوننا في الشارع".

عن عدم نزول الحزب الى الشارع، تعلق المصادر المطلعة على موقفه، بالقول، "حتى هذه اللحظة، لم تجد قيادة الحزب نفسها مضطرةً للنزول الى الشارع، فالتعرض للسيد نصرالله من قبل بعض المتظاهرين في الشارع، تمّ التصدي له بشكل عفوي من قبل بعض المناصرين والمؤيدين، وقد وضع الحدّ لهذا التعرض. أضف الى ذلك، ما قيل حتى اللحظة عن سلاح الحزب وتسليمه، لا يعدو كونه كلاماً سياسياً لا يمكن صرفه في أيّ مكان، ولا يشكل خطراً على هذا ​السلاح​. أما في يتعلق بالمشاورات القائمة في الكواليس بهدف تشكيل حكومة، فهو يتمّ بالتنسيق الكامل والتام مع الحزب". المصادر عينها تعتبر أن مفاوضات ​تشكيل الحكومة​ وتكليف رئيس يقوم بعملية التشكيل هذه، تنسّق مع الحزب من قبل المعنيين الأساسيين، تارةً عبر رئيس تكتل ​لبنان القوي​ الوزير ​جبران باسيل​ وتارةً أخرى رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​، وحتى مع رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ سعد الحريري، الإتصالات ليست مقفلة، وما يعترض عليه الحزب لناحية تشكيل حكومة مؤلفة فقط من إختصاصيين، يتمّ أخذه بعين الإعتبار من قبل طبّاخي الحكومة، وإذا كان تطعيم الحكومة بسياسيين ​ممثلين​ للأحزاب أقلّه في الوزارات الأربع السياديّة من الأمور التي لا تزال تواجه بإعتراضات، فيبدو أنّ إقتراح الوزير باسيل بتشكيل حكومة إختصاصيين لا يرأسها الحريري وتسمّي وزراءها الكتل السياسيّة التي أفرزتها ​الإنتخابات النيابية​ الأخيرة، هو الأقرب الى طروحات حزب الله، حتى ولو أنه يحتاج الى بعض الملاحظات التي يريد الحزب إضافتها اليه، عندما تدق ساعة التكليف والتأليف، وتنتهي المشاورات.

لكل ما تقدّم، لم يستعمل حزب الله شارعه، وإذا لم يشهد ما يحصل في الشارع والكواليس السياسيّة أيّ تطوّر مفاجئ، فالحزب لن يستعمل شارعه. هذا ما تفضله قيادته، على أنْ يقتصر الأمر على إطلالات السيد نصرالله الكثيرة نوعاً ما في هذه الأيام.