هنأ رئيس "المجلس ​الإسلام​ي الشيعي الأعلى" الإمام الشيخ ​عبد الأمير قبلان​، في رسالة ​المولد النبوي​ الشريف لهذا العام، ال​لبنان​يين عمومًا والمسلمين خصوصًا بهذه المناسبة الّتي "شكّلت إيذانًا ببزوغ فجر جديد أشرق على ​العالم​ كلّه، ليعيد تأصيل الهويّة الإنسانيّة بما تحمله من قيم، فكان الرسول الأعظم صاحب الخلق العظيم الّذي ملأ الدنيا وشغل الناس وهو القائل: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فبشّر برسالة الإسلام الّتي شعّ وهجها على الكون".

ولفت إلى أنّ "علينا أن نستلهم من سيرة النبي وأخلاقه وحكمه ما يصلح حالنا، فنعود إلى رحاب الدين الّذي يدعو إلى الخير، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحارب الظلم والباطل و​الفساد​ والشر"، مركّزًا على أنّ "المطلوب منّا أفرادًا وجماعات أن نتعلّم من النبي محاسن الأخلاق لنتربّى عليها ونسير على ضوئها، لنكون على الدوام في حقل الورع وعلى نهج الاستقامة، فنتحلّى بأحسن الأخلاق وبمرضي الأفعال ونتعاون على البر والتقوى". وطالب حكّام العرب المسلمين بـ"الاقتداء برسول الله، فهو منطلق لكلّ خير وسبيل لإحقاق الحق وتحقيق أمال المعذّبين والفقراء والمظلومين، ممّا يحتّم أن يكونوا منصفين عاملين لمصلحة شعوبهم وتحقيق العدالة الاجتماعية، الّتي توفّر الاستقرار والعيش الكريم وتحفظ الكرامات وتصون الحقوق".

وشدّد الإمام قبلان على أنّ "عليهم أن يحفظوا أمانة رسول الله في حفظ الأمة وتحصين وحدتها وحفظ كرامتها، ممّا يستدعي أن ينصروا ​فلسطين​ ويدعموا شعبها في نضاله وجهاده لتحرير الأرض وإنقاذ المقدّسات، وعليهم أن يُبادروا لقطع كلّ أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني من منطلق أنّ التعامل مع هذا العدو الغاصب محرّم على مختلف المستويات الشرعيّة والأخلاقيّة والدينيّة"، مشيرًا إلى أنّ "مقتضى حفظ وحدة الأمة يحتّم أن يتواصل قادة العرب والمسلمين، ويتشاوروا لوقف نزيف الدم في ​اليمن​ وإنجاز حلّ سياسي يعيد ​الأمن​ والاستقرار إلى هذا البلد الشقيق".

وأكّد أنّ "المنطقة العربيّة والإسلاميّة مُستهدفة من الاستعمار الصهيو أميركي في خطط ممنهجة تنفذ مشروعًا صهيونيًّا قديمًا متجدّدًا، يستخدم إمكانات ضخمة وتقنيات متطوّرة وأساليب غير أخلاقيّة بعد إخفاق الحرب الصلبة في ضرب دول محور ​المقاومة​ واخصاع شعوبها". ورأى أنّ "ما يجري في لبنان و​العراق​ يندرج في استغلال الحراك المطلبي وحرفه باتجاه ضرب قوى المقاومة، في عمليّة انتقام لما حقّقته من إنجازت في ضرب ​الإرهاب​ التكفيري المدعوم أميركيًّا، ممّا يستدعي رفع مستوى الوعي الشعبي لإحباط هذه المؤامرة الخبيثة لإدخال بلادنا في الفوضى والاضطراب".

كما دعا الشعب العراقي إلى "التزام توجيهات المرجعيّة الدينيّة وإرشاداتها، لما تمثّله من ضمانة لحفظ وحدة العراق واستقراره ودعم حقوق شعبه المطالب بالإصلاح"، مطالبًا اللبنانيين بـ"تعميق وحدتهم وترسيخ تضامنهم وحفظ وطنهم بحفظ مكوناته، وعدم السماح بتحويل الحراك إلى فرصة لإضعاف قوّة لبنان المتمثّلة بالمقاومة وضرب بيئتها الحاضنة". ولفت إلى أنّ "المعادلة الّتي حرّرت أرضه وحفظت شعبه لا تزال حاجة وضرورة وطنيّة ينبغي التمسّك بها، باعتبارها تشكّل مصدر قوّة لبنان في مواجهة أي تهديد خارجي أو داخلي".

وبيّن أنّ "الحرَاك المطلبي شكّل انتفاضة طبيعيّة بوجه الفساد المتراكم بفعل تركيبة النظام الطائفي والسّياسات الحكوميّة المتعاقبة الّتي كرّست منطق ​المحاصصة​ الطائفيّة، ورسّخت العقليّة ​المال​يّة النقدية الّتي عمّمت ثقافة الربى والرشى، ما أغرق لبنان بالديون وخدمة فوائدها". وأشار إلى أنّ "النظام الطائفي المرتكّز على الامتيازات والمحسوبيّات والمحاصصات أسهم إلى حدّ كبير في إضعاف وإفشال دولة المؤسسات والقانون، وقضى على طموحات غالبية اللبنانيين وتجويعهم".

وأعلن قبلان "أنّنا إذ ندعم بقوّة مطالب ​الحراك الشعبي​ المحقّة في العيش الكريم والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وتنظيف ​الدولة​ من لصوص المال العام واستعادة هذا المال لخدمة ​الشعب اللبناني​ الّذي يئنّ من الفساد والهدر، فإنّنا ندعو إلى نَسف الصّيغة الطائفيّة وتطوير نظام الحُكم ومشروع الدولة، لتكون لنا دولة عادلة تحسّن رعاية شعبها"، مطالبًا القوى السياسيّة بـ"الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذيّة فاعلة وقادرة على تحقيق أمال وتطلعات اللبنانيّين، وتستجيب لمطالبهم وتكسب ثقتهم من خلال تنفيذ إصلاحات سريعة وجذريَّة تتطبّق بنود الورقة الإصلاحيّة الّتي أقرّتها ​الحكومة​ السابقة، وضمن جداول زمنيّة تحت نظر الحراك الشعبي، بالتوازي مع محاسبة الفاسدين وناهبي المال العام".

إلى ذلك، طالب ​المجلس النيابي​ بـ"إقرار قانون انتخابي نسبي وفق صيغة لبنان دائرة انتخابية واحدة وبلا قيد طائفي، لإنتاج سلطة وطنية لا طائفيّة همّها النهوض بلبنان وحفظ مكوّناته، بعيدًا عن الاستزلام والارتهان الأجنبي".