أشار راعي أبرشية ​البترون​ المارونية ​المطران منير خيرالله​ خلال افتتاحه السنة الطقسية الى أن "ملتزمون بالتجدد، وقد بدأناه في الأشخاص والمؤسسات في الأبرشية؛ وملتزمون، كما يقول قداسة ​البابا فرنسيس​، بحزم في إنجاز الإصلاحات اللازمة كيما نطلق ثقافة قائمة على الاهتمام الرعوي، وملتزمون بتقديس ذواتنا في سنة المكرم البطريرك ​الياس الحويك​ الذي أعطي نعمة جديدة لأبرشيتنا، أبرشية القداسة والقديسين؛ تشبها بالمسيح الذي قدس نفسه ليقدسنا في الحق"، لافتا الى أننا "مقتنعون بأن أي تجدد في كنيستنا البترونية عليه أن يكون أولا تجددا روحيا ينطلق من كلمة الله في ​الكتاب المقدس​ ومن الصلاة والشهادة للمسيح في ​الحياة​ اليومية، ويعبر بالعودة إلى جذورنا الروحانية النسكية التي عاشها آباؤنا القديسون في وادي قنوبين وفي كفرحي وجربتا وكفيفان و​حردين​ و​تنورين​ و​عبرين​. سمعوا صوت المسيح الراعي الصالح يدعوهم إلى القداسة، فتبعوه وتقدسوا وقدسوا كنيستهم".

واضاف: "نحن في بلاد البترون مدعوون بشكل خاص إلى أن نتجدد ونتقدس لأننا مؤتمنون على أبرشية مار يوحنا مارون التي تحتضن ذخائر وأضرحة القديسين"، لافتا الى أن "هذه الدعوة نتحمل معا مسؤولية تلبيتها والسير نحو تحقيقها في حياتنا اليومية وفي خدمتنا الكهنوتية وتكرسنا الرهباني والتزامنا العلماني، عبر تطبيق توصيات مجمعنا الأبرشي. وقد وضعنا خطة تنفيذية لها تساعدنا على النهوض في أبرشيتنا ومنطقتنا والسير بهما في طريق القداسة".

واكد اننا "عندما فكرنا أن نعقد لقاء لإطلاق هذه الخطة التنفيذية، فاجأتنا الأحداث الأخيرة التي نزل فيها شعبنا وشبابنا إلى الساحات والشوارع ليطلقوا ثورة على الفساد المستشري والانهيار الاجتماعي والاقتصادي ويطالبوا بدولة القانون فيحكم فيها أصحاب الكفاءة والنزاهة"، متسائلا "ما العمل لمواجهة الواقع الراهن ؟ البيت يحترق وال​كنيسة​ أم عندما تهب النار في البيت، ويبكي الأولاد ويصرخون من خوفهم وقلقهم على مصيرهم، لا تكتفي الأم بالبكاء والصراخ مع أولادها، بل تفتش بحكمة وتعقل عن الوسيلة الأنجع لإطفاء الحريق أولا، كي لا ينهار البيت على كل ساكنيه، ثم بعد ذلك تجلس مع أولادها وتضع خطة لإعادة البناء".

وشدد على ان "بيتنا المشترك، كما يسميه القديس البابا يوحنا بولس الثاني، ​لبنان​ الوطن الرسالة، يحترق وأولادنا نزلوا إلى الشوارع يصرخون من وجعهم ويعلنون توقهم إلى بناء مستقبل أفضل لهم. فما عسانا نعمل نحن الكنيسة ؟"، مشدا على أن "الكنيسة في تقاعس الدولة وأجهزتها ووسائلها، تسعى بكل ما أوتيت إلى إخماد الحريق وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، كي لا ينهار البيت على الجميع، فنخسر كل شيء. إنها تتفهم صراخ أولادها وتطلعاتهم، وتتبنى مطالبهم، وتضع خطة لإعادة بناء الثقة في الدولة. هذا ما فعلته كنيسة لبنان في اللقاء الاستثنائي لبطاركة الكنائس ​المسيحية​ واساقفتها الذي عقد في ​بكركي​ في 23 تشرين الأول 2019 بدعوة من صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال ​مار بشاره بطرس الراعي​ الكلي الطوبى"، مضيفا: " وأصدروا نداء يحيون فيه الشعب المنتفض ويبدون تقديرهم وتضامنهم مع انتفاضته الحضارية السلمية ويتفهمون دوافعها. ويدعون إلى احتضان انتفاضة أبنائهم المشروعة وحمايتها، وإلى أن يتجاوب الحكم و​الحكومة​ مع مطالبها الوطنية المحقة. وحذروا من انحراف ​الثورة​ وراء إيديولوجيات هدامة أو من استغلال سياسي أو حزبي ونهار الأحد 27 تشرين الأول، جدد البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى هذا الموقف بدعمه للشعب اللبناني الذي يعيش ظاهرة التحام تحت راية لبنان حول مطالبه الوطنية المحقة بالكرامة والعدالة الاجتماعية".

وطالب بـ "تأليف حكومة جديدة بكل وجوهها، مصغرة وحيادية، ومؤلفة من شخصيات مشهود لها بكفاءاتها، وتكون محط ثقة الشعب"، معتبرا أن "هذه هي مسؤولية المسلطين وأولياء الأمور كان قد حددها البطريرك الياس الحويك في رسالته محبة الوطن الصادرة سنة 1930، قائلا: أنتم أيها المسلطون، أنتم يا أولياء الأمور، أنتم يا قضاة الأرض، أنتم يا نواب الشعب الذين تعيشون على حساب الشعب الذي يقدم لكم النفقات والمرتبات، ويمتع أشخاصكم المكرمة بامتيازات خاصة وألقاب شرف، أنتم ملتزمون، بصفتكم الرسمية من قبل مهمتكم، أن تسعوا وراء المصلحة العامة. وقتكم ليس لكم، شغلكم ليس لكم، بل للدولة وللوطن الذي تمثلونه. أقمتم لإسعاد الوطن، فلا يمكنكم أن تضحوا بمصالحه دون أن تهينوا الحق، وتخرقوا بنوع فادح ما يقضي به عليكم واجب الأمانة. وسلامة الأمة لا تقوم إلا بخدمة المصلحة العامة".

وشدد خير الله أننا "لن نفقد الأمل، ونبقى على رجائنا بأن لبنان الوطن الرسالة سيولد من جديد وبأن الحق سينتصر للشعب وللمواطنين. إذا لا بد لنا من أن نصلي ونتكل على الرب الديان، كما يقول النبي يشوع بن سيراخ، الذي لا يحابي الوجوه على حساب الفقير، بل يستجيب صلاة المظلوم"، مضيفا: "لا يهمل تضرع اليتيم ولا تضرع الأرملة إذا سكبت شكواها"، معبترا أن "الرب لا يبطئ ولا يطيل أناته عليهم، حتى يحطم صلبَ الذين لا رحمة لهم وينتقم من الأمم، حتى يمحو قوم المتكبرين ويحطم صوالجة الظالمين نجدد رجاءنا مع كل واحد وواحدة منكم في مسيرة مجمعنا الأبرشي، نجدد رجاءنا بخاصة مع شبابنا وصبايانا ونقول لهم: معكم نبني المستقبل أو لا يكون مستقبل. صلوا ولا تملوا، يقول لنا السيد المسيح. الحق الحق أقول لكم: إن سألتم الآب شيئا باسمي أعطاكم إياه. حتى الآن لم تسألوا باسمي شيئا"، سائلا الله أن "يعطينا بشفاعة العذراء مريم سيدة لبنان وجميع القديسين شفعائنا، أن نتجدد ونتقدس ونقدس كنيستنا وشعبنا، وأن نعمل برضاك فنكون في عائلاتنا ومجتمعنا ووطننا زارعي محبة وصانعي سلام".