لم تمنع التحركات الاحتجاجيّة الشعبية المتسارعة في ​لبنان​ منذ ثلاثة أسابيع ونيف، للمطالبة بتحسن الاوضاع المعيشية والاقتصادية ووقف الفساد والهدر، من حجب الاهتمام بالواقع ال​فلسطين​ي في لبنان، الذي شهد تطورا بارزا تمثّل بتقديم المفوّض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "​الأونروا​" بيار كراينبل استقالته إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريش، على ضوء التحقيقات الجارية في "شبهات فساد" داخل اروقة المؤسسة الدوليّة،وسط استبعاد توجيه تهمة الاحتيال أو اختلاس أموال لكراينبل، السويسري الذي يشغل منصب مفوض "الأونروا" منذ أكثر من خمس سنوات، فيما وقت جرى فيه تعيين كريستيان ساوندرز قائما بأعمال المفوّض لفترة مؤقتة.

هذه الاستقالة لـ"رأس الهرم" الاداري، جاءت بعد استقالة لعدد من كبار مسؤولي "الوكالة"، منذ أشهر عديدة للغاية ذاتها، في وقت انعكستالمخاوف من القلق على أبناء ​المخيمات الفلسطينية​ في لبنان،خشية ان تكون خطوة جديدة على طريق تصفية الوكالة التي أنشئت في العام 1951 عقب نكبة فلسطين العام 1948، لرعاية شؤون اللاجئين في أماكن تواجدهم، واستكمالا لضغوط سياسية مارستها ​الادارة الاميركية​ منذ تولي الرئيس رونالد ترامب مهامه، وتدرجت من تقليص المساعدات الماليّة الى وقفها بشكل تام، وصولا الى المطالبة بإنهاء عملها، مع توجه الأنظار نحو تصويت الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، بداية الشهر المقبل كانون الاول، لتجديد ولاية الوكالة لثلاث سنوات، وسط مساعٍ أميركيّة-إسرائيلية لتقليص المّدة إلى سنة واحدة فقط، توطئة لإلغاء عملهاوإسقاط ​حق العودة​ وفرض ​التوطين​.

غير ان الباحث الفلسطيني علي هويدي أكد لـ"النشرة"، "ان الإدارة الأميركية و"اسرائيل" لم تكن راضيةللإعلان عن بعض نتائج التحقيق في تقرير شبهات الفساد، كما عن قرار الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريشبتنحية المفوض كراينبل، ولا عن إستقالته، لان ذلك يوقف الذريعة التي يمكن من خلالها استهداف الوكالة"، ولم تنجح محاولات التسويف والمماطلة والضغط لتأخير الإعلان عن ولو جزء من التحقيق إلى ما بعد تاريخ التجديد للوكالة لتسهيل المزيد من النيل والإستهداف،معتبرا "ان إسقاط قرار الإدارة الأميركية ودولة الإحتلال لتصفية "الأونروا" مع الدعم المالي والسياسي والمعنوي للوكالة، يساعد على إفشال ما يمكن أن يُرتَّب من تصفية للقضية الفلسطينية، وفي مقدمته تهويد القدس وإلغاء حق العودة وتكريس توطين اللاجئين الفلسطينيين".

بينما قالت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان ما جرى من استقالة وسرعة تعيين، يجب ان يقطع الطريق على أيّ إتهامات للوكالة بالفساد، خاصة أنها تتعلق بالمفوض العام وليس بـ"الأونروا" كوكالة أممية، وأنه يجب محاسبة أيّ مسؤول فيها متهم بالفساد تثبت إدانته بعد صدور نتائج التحقيق، وسط ترحيب بأي إجراءات أممية تعزز الشفافية داخل الوكالة.

تغيير مسمى

الى جانب الاستقالة، رفض ابناء المخيمات في لبنانتغيير المسمى الوظيفي لـ"مدير خدمات المخيم" إلى "مدير خدمات المجتمع المحلّي"، مشدّدين على أهميّة إقتران إسم المخيم بأيّ مسمى وظيفي طالما أن التوصيف الوظيفي خاص بتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين بالمخيم.

وأوضحت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن مسمى "مدير خدمات المخيم" قائم منذ النكبة في العام 1948 وبدء الوكالة بتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين منذ الأول من أيار 1950 حتى الآن، معتبرة بأنّ شطب مسمّى المخيم من "المسمى الوظيفي" يساهم في شطب أحد العناوين السياسية لحق عودة اللاجئين، والذي يشهد على النكبة وجريمة الطرد والإبعاد والتهجير للفلسطينيين إبّان النكبة في العام 1948، داعية الوكالة للتراجع الفوري عن المسمّى المستحدث وربط أيّ مسمى وظيفي جديد باسم المخيم، طالما أنّ طبيعة المسؤوليّات المُلقاة على عاتق صاحب المسمّى الوظيفي الجديد مرتبطة بالخدمات المقدّمة للاجئين في المخيم.

وكانت "الأونروا" قد أعلنت بتاريخ 22/10/2019 عن وظيفة داخليّة لموظفي الوكالة في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة بمسمى "مدير خدمات المجتمع المحلي" بدرجة 15، بدل وظيفة "مدير خدمات المخيم" والتي هي بدرجة 10 مع صلاحيات ومهام أوسع لخدمة اللاجئين الفلسطينيين في المخيم، بحيث تنتهي مهلة التقديم للوظيفة في 30/10/2019.