مع مصلحة تلامذة المدارس أم مع مصلحة حزبه؟ مع الحرص على إستكمال العام الدراسي والجامعي أم مع تطلعات زعيمه السياسية وأفكاره؟ مع الأهالي الذين يعملون ليلاً نهاراً لتعليم أبنائهم أم مع ما يحصل في الشارع من تظاهرات وإعتصامات؟ أكرم شهيب وزير للتربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال أم وزير للحراك الشعبي في الحكومة المستقيلة؟.

أسئلة بدأت تحضر بقوة في الإجتماعات التربويّة التي تعقد في الكواليس وعلى أعلى المستويات، للبحث بمصير العام الدراسي الذي لم يكن قد إنطلق بعد حتى تعرقل بفعل ​الحراك الشعبي​ الذي بدأ في السابع عشر من تشرين الأول الفائت. وفي هذا السياق، تقول مصادر تربوية متابعة، "كل شيء يمكن أن نفهمه إلا إعلان الوزير شهيّب الإبقاء على إقفال المدارس والجامعات يوم الثلثاء على رغم تأجيل رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ الجلسة التشريعيّة التي كانت مقررة والتي كانت سبباً أساسياً لإعلان الحراك الشعبي عن إضراب تُقطع فيه الطرقات وتُشلّ فيه المؤسسات". ما هو أكثر من مستغرب أيضاً، بحسب المصادر التربويّة عينها، كيف أنّ وزير التربية أبقى على المدارس والجامعات مقفلة قبل أن يحسم الحراك قراراه لناحية تعليق الإضراب أو الإبقاء عليه، الأمر الذي يطرح السؤال التالي، هل بات وزير التربية حريصاً على الحراك الشعبي أكثر من الأخير نفسه؟ وهل يجوز الإبقاء على إقفال المدارس والجامعات وتهديد العام الدراسي والجامعي بهذه الطريقة"؟.

تخيلوا مثلاً أن عدداً كبيراً من المدارس الكاثوليكيّة اضطر الى فتح أبوابه أمام التلامذة والى إعطاء الدروس وكأن شيئاً لم يكن يوم ذكرى ​المولد النبوي​ الشريف أمس علماً أن هذه المناسبة هي من بين العطلات الرسمية التسعة التي يمنع على الشركات والمدارس والمؤسسات كسرها.

في ​المدارس الخاصة​، هناك إنزعاج تام من قرارات شهيّب التي تميل دائماً الى إقفال المدارس تماشياً مع رغبة الحراك بشلّ البلد، وهنا تسأل مصادرها "إذا كانت حجّة الإقفال في الأسابيع الماضية هي إقفال الطرقات من قبل المعتصمين، فما هي الحجّة اليوم بعد فتحها من عكار وشكّا الى الشيفروليه فصيدا وصولاً الى النبطية والبقاع الأوسط والشمالي والغربي"؟.

إنزعاج المدارس الخاصة من قرارات شهيب يفسّرها المتابعون بسببين:

السبب الأول هو أن البرنامج الدراسي في المدارس الخاصة يكون عادة أكبر وأوسع من تلك الرسمية، وبالتالي إدارة المدرسة تحتاج عادةً الى عام دراسي كامل لإكماله، فكيف ستتدبر أمرها وقد أصبح عيدا الميلاد ورأس السنة على الأبواب والعام الدراسي لم ينطلق بعد؟.

السبب الثاني، مادي ومرتبط مباشرة بالأقساط، إذ ترسل المدارس الخاصة عادة الى أهالي التلامذة الدفعة الثانية من القسط السنوي في الفصل الثاني من العام الدراسي، أيّ بعد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، وإذا إستمر الوضع على حاله لناحية إقفال المدارس، لن تكون المدارس قادرة على إستيفاء الدفعة الثانية في الموعد المعتاد. وما زاد الطين بلّة مطالبة البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي إدارات المدارس بتجميد الأقساط.

إذاً، هل لا يزال أكرم شهيب وزيراً للتربية أم أصبح وزيراً للحراك الشعبي حتى قبل أن تشكّل الحكومة الجديدة وقبل أن يقرّر هذا الحراك هويّة من سيمثّله في الحكومة المقبلة؟ سؤال سيستمر طرحه في الأوساط التربوية ما دامت المدارس والجامعات مقفلة بقرار من الوزير وكأننا في حالة حرب!.