رأى مصدر وزاري عبر صحيفة "الشرق الأوسط" أن "المواقف التي أعلنها ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ في المقابلة المتلفزة التي أُجريت معه، أدخلت البلد في مرحلة سياسية جديدة"، وعزا ذلك إلى أنه "أقحم نفسه في اشتباك سياسي مع ​الحراك الشعبي​ ما أدى إلى تراجع ​الأزمة​ الحكومية لتحتل المرتبة الثانية بعد أن كانت الشغل الشاغل ل​لبنان​يين".

وشدد المصدر على أن "الرئيس عون كان في غنى عن الدخول في اشتباك سياسي مع الحراك الشعبي، خصوصاً أن الصحافيين ​سامي كليب​ و​نقولا ناصيف​ اللذين أجريا المقابلة حاولا تهيئة الأجواء التي تسمح له بمخاطبة الحراك بمرونة واستيعاب، لكنه وضع نفسه في المواجهة، وهذا ما دفعه إلى استهداف الحراك والإعداد لحملة سياسية تمثّلت في الدعوة إلى التجمّع قرب ​القصر الجمهوري​ في ​بعبدا​"، مشيرا إلى أن "الاهتمام بالأزمة الحكومية لم يعد من الأولويات على الأقل في ​الساعات​ المقبلة، ومواقف الرئيس عون دفعت باتجاه تراجع الحماس للمشاورات الجارية حول هذه الأزمة، مما يعني أن ​الاتصالات​ توقّفت حتى إشعار آخر".

وكشف المصدر الوزاري عن أن "ما قاله عون لا يخدم الجهود الرامية إلى تعويم المشاورات لإيجاد مخرج للتأزّم الحكومي". وعدّ أن "ما قاله عون عن رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​سعد الحريري​ لا يشجّع الأخير على أن يعيد النظر في القرار الذي سيتّخذه حيال إمكانية تكليفه ب​تشكيل الحكومة​ ​الجديدة​، لا بل يدعوه إلى الإسراع في حسم موقفه لجهة تفضيله أن ينأى بنفسه عن العودة إلى ​رئاسة الحكومة​".

وسأل المصدر عن الأسباب الكامنة التي دفعت رئيس الجمهورية إلى مخاطبة ​السفراء العرب​ المعتمدين لدى لبنان في معرض حديثه عن "الحراك الشعبي" بقوله: "إننا نواجه حرباً كونية تستهدف بلدنا، وإن هناك جهات خارجية تدعم بعض هذا الحراك وتقوم بتمويله وتقديم الخدمات له، خدمة لتنفيذ أجندة خارجية لضرب الاستقرار الداخلي، رغم أنني كنتُ أول من دعوته للحوار لكنه لم يستجب"، معتبرا أن "علاقة الرئيس عون بالرئيس الحريري أوشكت على الدخول في مرحلة جديدة تنذر بخفض منسوب الكيمياء السياسية التي كانت وراء التفاهم على تسوية سياسية مهّدت الطريق أمام انتخاب الأول رئيساً للجمهورية".

واستغرب ما يشيعه رئيس "​التيار الوطني الحر​" ​جبران باسيل​ بأن المشاورات الحكومية تجري في أجواء إيجابية ومشجّعة، متسائلا: "من أين استمدّ هذا التفاؤل الذي لا أساس له من ​الصحة​؟"، معتبرا أن "باسيل يسعى إلى تعويم نفسه من خلال رغبته في تمرير رسالته إلى الرأي العام بأنه واحد من صانعي الطبخة الوزارية بعد أن استبعد من دخول الحكومة وبات المستهدف الأول من قبل الحراك الشعبي قبل أن يحل مكانه رئيس الجمهورية على خلفية دخوله في اشتباك مع المعتصمين على مساحة الوطن ككل".

وشدد المصدر الوزاري على أن ​الثنائي الشيعي​ الذي يتشكّل من ​حركة أمل​ و​حزب الله​ يُبدي مرونة وانفتاحاً مع بعض ما يقترحه الحريري وأن تمسّك رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ بعودة الحريري إلى الرئاسة الثالثة، ينمّ عن تفاهمه مع حليفه الشيعي لأنه في حاجة إلى وجوده على رأس الحكومة أنه الأكثر قدرة على مخاطبة ​المجتمع الدولي​.

ولكن عدم وجود قواسم مشتركة على الأقل في التفاصيل بين الرئيس عون والأمين العام لـ"حزب الله" ​السيد حسن نصر الله​ لا يعني أن الأخير في وارد التخلي عن تحالفه معه ما دام أنه يشكّل له خط الدفاع الأول عن خياراته الخارجية، وهذا ما ينطبق أيضاً على باسيل الذي يحاول أن يحفظ لنفسه الدور الذي يتيح له التدخّل في الحكومة من خلال إصراره على أن تُشكّل من وجوه تكنو - سياسية.

وأكد المصدر أن عون على تفاهم مع الثنائي الشيعي بوجوب تحقيق ​المناصفة​ في توزيع الوزراء بين تكنوقراط وسياسيين.