عندما تفيد غرفة التحكم المروري صباح السبت بأنّ كل الطرقات في بيروت وجبل لبنان أصبحت مفتوحة بإستثناء خلده، وان قطع الطرقات لا يزال يقتصر على زحله والبقاع الغربي (جديتا، قب الياس، تعلبايا، سعدنايل، جب جنين، المرج وغزة) كما طرابلس وعكّار (ساحة النور والبداوي وجسر البالما والعبده) فاعرف تماماً أن لقطع هذه الطرقات تحديداً، عدة أسباب مختلفة تماماً عن تلك التي رفعت في إعتصامات الأيام الماضية منذ ١٧ تشرين الأول الفائت وحتى اليوم. إنها لعبة التفاوض على رئاسة الحكومة من خلال الشارع. لماذا؟ لأن البلدات التي لا تزال طرقاتها مقطوعة هي بلدات ذات أكثرية سُنّية، ول​تيار المستقبل​ وجود سياسي وشعبي لافت فيها، وبالتالي "لم يعد خافياً على أحد" "يقول مسؤول أمني متابع للتقارير الواردة من هذه المناطق، "أن الشبان الذين يقطعون الطرقات في هذه المناطق البقاعية والشمالية ينتمون أو يؤيدون بأكثريتهم الساحقة تيار المستقبل، ومطلبهم الحقيقي غير المعلن، يمكن تلخيصه كالتالي: لا نريد رئيساً للحكومة المقبلة إلا ​سعد الحريري​ نفسه، لا شخصية يسميها من داخل التيار الأزرق، ولا أخرى قريبة من تيار المستقبل، ولا الوزير السابق ​محمد الصفدي​ حتى لو أنه صديق الحريري وحليفه".

حتى لو أن الحريري وافق مع كتل "​لبنان القوي​" و"الوفاء للمقاومة" و"التحرير والتنمية"على تسمية الصفدي وذلك بعد سلسلة إتصالات وإجتماعات عقدت مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ​حسين الخليل​، معاون الأمين العام ل​حزب الله​، والوزير ​علي حسن خليل​ المعاون السياسي لرئيس ​مجلس النواب​، والوزير ​جبران باسيل​، رئيس التيار الوطني الحر، فهو في الوقت عينه أعطى الضوء الأخضر لمناصريه للتشدد في حركتهم الإعتراضية في الشارع، كل ذلك تحت راية المطالب المعيشية ومن دون أن يطالب هؤلاء علناً بعودة الحريري، ولكن في نهاية المطاف أمام عدسات النقل المباشر، وبما أن الذين يقطعون الطرقات هم ليسوا من كوادر التيار الأزرق، ولا خبرة لهم في السياسة وتحديداً في التعاطي مع وسائل الإعلام، لم يكن صعباً على بعض المراسلين أن يسمعوا منهم "لا نريد إلا سعد الحريري رئيساً للحكومة"و"لن نقبل بأن يدفع الحريري منفرداً والطائفة السنية وحدها ثمن ما حصل، فإما أن يستقيل رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب مع الحريري تطبيقاً لشعار كلّن يعني كلّن وإما أن يعود الشيخ سعد الى رئاسة الحكومة".

من ضمن الضغوط التيا يمارسها الحريري ولو بطريقة غير مباشرة للعودة الى السراي، تقول مصادر مطلعة على الملف الحكومي، هو الموقف المشترك الذي صدر بالأمس عن رؤساء الحكومات السابقين، ​فؤاد السنيورة​ و​نجيب ميقاتي​ و​تمام سلام​، الذين طالبوا بإعادة تسمية الحريري وبتسهيل مهمته من قبل القوى السياسية.

إذاً، لعبة الحريري أصبحت مكشوفة، وما تردّد عن مناورته التي وافق فيها على تسمية الصفدي بهدف حرق إسمه في البازار الحكومي، بدأ يتكشّف شيئاً فشيئاً، وللساعات المقبلة المزيد من المفاجآت على هذا الصعيد.