تجاوزت ​وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين​ "الاونروا"(1) قطوع التجديد لولاية جديدة مدتها ثلاث سنوات، في الجمعية العامة للامم المتحدة منذ ايام، بتصويت 170 دولة على التمديد لعملها ضد دولتين "​أميركا​ و"​إسرائيل​"، وامتناع 7 دول عن التصويت، (في كانون الأول 2016 صوتت 167 دولة على التجديد)، ما اعتبر انتصارا للاجئين الفلسطينيين والوكالة مع وصول الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ إلى الرئاسة في أميركا مطلع العام 2017، واستطاعت أن تكرّس وجودها وأهميّة استمرار تقديم خدماتها لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني إلى حين العودة، منهم نحو 540 ألف لاجئ في لبنان وفق احصائها الرسمي الاخير، موزعين على 12 مخيما والكثير من التجمّعات غير المعترف بها.

ومع التجديد للوكالة التي يتمسك بها اللاجئون الفلسطينيون، على اعتبارها كرمز ل​حق العودة​ في قضية سياسية بامتياز وليست خدماتية فقط، يتوجس هؤلاء خوفا من الالتفاف على القرار عبر ممارسة المزيد من الضغوط لتجفيف مواردها المالية، اذ ما زالت تئنّ من عجز مالي كبير ومتراكم، بعدما أوقفت الولايات المتحدة الاميركية بقرار من رئيسها ترامب مساعداتها المالية البالغة نحو 300 مليون دولار سنويا، أي ما يقارب نحو ثلث موزانتها منذ العام 2018، في اطار الضغط على القيادة الفلسطينية للقبول بـ"صفقة القرن" التي تريد انهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني عبر تصفية القضية، وانهاء عمل الاونروا وشطب حق العودة، الامر الذي رفضه الفلسطينيون، بعدما نجحت الوكالة خلال مؤتمر المانحين لها ماديا في أعمال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت في نيويورك منذ شهرين، في تقليص العجز المالي في ميزانيتها الاعتيادية الذي يقدر بـ120 مليون دولار للعام 2019 ليبقى نحو 89 مليون دولار.

واعتبر الكاتب الفلسطيني علي هويدي عبر "النشرة"، ان التصويت وبالمقابل على المستوى الإستراتيجي شكل صفعة قويّة للولايات المتحدة ولدولة الاحتلال حيث يراهنان على شطب الوكالة والتخلص من قضية اللاجئين وحق العودة تماشيا مع ما يسمى بـ"صفقة القرن"، مشددا على ضرورة العمل على زيادة تمويلها المالي لانهاء العجز، وإلا ستضطر "الاونروا" لاتخاذ قرارات تقشفيّة لا يريدها ابناء الشعب الفلسطيني في لبنان الذين يعيشون في ضائقة اقتصادية ومعيشية خانقة وخاصة مع الأزمة اللبنانيّة التي تضاعف معاناته.

رسالة مفتوحة

وترجمة لهذه الضائقة الخانقة، وجّه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان رسالة مفتوحة الى الامين العام للامم المتحدة ​انطونيو غوتيريس​ والمفوّض العام لوكالة "الاونروا" كريستيان ساوندرز والمدير العام في لبنان كلاوديو كوردوني، دعوا فيها الى انصاف الشعب الفلسطيني المعذب منذ أكثر من واحد وسبعين سنة في مخيمات للاجئين تفتقر الى أدنى مقومات العيش الانساني الكريم، بينما مهمة الوكالة "اغاثتهم" و"تشغيلهم". وتضمّنت الرسالة ان لبنان الّذي يعيش منذ شهر تقريباً اوضاعاً استثنائيّة ومشلول بالكامل نتيجة التظاهرات الاحتجاجيّة التي تعمّه من اقصاه الى اقصاه، ويعيش منذ سنوات طوال اوضاعاً اقتصادية ومعيشية وماليّة مزرية، "مما ينعكس علينا في المخيمات الفلسطينية سلباً ويفاقم من ازماتنا المعيشيّة ومن تردي اوضاعنا التي وصلت الى حدٍ لا يُطاق، في ظل فقدان فرص العمل وتخلّي جميع الجهات المسؤولة عنا وعن واجباتها تجاهنا، ولسنا نغالي في القول ان هناك الاف العائلات بالكاد تجد قوت يومها وما تسد بها رمق اطفالها ما يعني اننا على ابواب "كارثة انسانيّة حقيقيّة"، ينبغي العمل على تجاوزها وتلافيها قبل ان تستفحل ويحدث ما لا تُحمد عقباه، لا سيما وان البعض يدفعنا دفعاً من خلال ممارساته وتصرفاته لان يجلعنا خارجين على القانون، وعليه فاننا نناشدكم ونناشد من خلالكم المجتمع الدولي مد يد العون والمساعدة لنا كلاجئين لا حول لنا ولا قوّة ولا معين لنا الا الله ومن حقّنا ان نحيا حياة حرّة وكريمة، ونطالبكم بالعودة الى العمل بقانون ما قبل توقيع "اتفاقيات اوسلو" والغاء العمل بنظام "العائلات ذوي العسر الشديد" المعمول به حالياً، بحيث تشمل التقديمات والاعانات جميع العائلات الفلسطينية دونما استثناء، وهذا يعني إعادة توزيع "الاعاشات" للجميع شهرّيا وتغطية نفاقات العلاج كاملة لجميع المرضى ولكافة الامراض ورفد العيادات في المخيمات بطاقم طبي من ذوي الكفاءة وتزويدها بجميع الادوية ولا سيما منها غالية الثمن التي يعجز المرضى وذووهم عن شرائها وتقديم مساعدة ماليّة نقديّة عاجلة لجميع العائلات يتم تحديد قيمتها على ضوء عدد افرادها.

(1) تأسست وكالة "الاونروا" في أعقاب نكبة فلسطين العام 1948، بموجب القرار رقم 302 الصادر عن ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​ في 8 كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين. وبدأت عملياتها في الأول من شهر أيار عام 1950 وفي غياب حل لمسألة اللاجئين، عملت الجمعية العامة وبشكل متكرر على تجديد ولاية "الأونروا"، علماً أنه في ديباجة قرار إنشاء الوكالة والفقرة 5 والفقرة 20 ثمة إشارة إلى ارتباط خدمات “الأونروا” بتطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ما يستبعد أن يجرى أي تعديل على مهام الوكالة ودورها وعملها.