أكّد مصدر سياسي مواكب للأجواء الّتي سادت الاتصالات الّتي سَبقت انسحاب الوزير السابق ​محمد الصفدي​، كمرشح ل​تشكيل الحكومة​ الجديدة، في حديث إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ "بانسحاب الصفدي، أعاد الكرة إلى مرمى رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، الّذي بات عليه أن يبادر بتحديد مواعيد للكتل النيابية للقيام باستشارات مُلزمة لتسمية الرئيس المكلف بتأليف الحكومة العتيدة".

وركّز على أنّ "التأزّم المالي والاقتصادي بلغ ذروته"، لافتًا إلى أنّه "لم يعد من الجائز اللعب على عامل الوقت، لأنّ التريُّث بذريعة إجراء جولة جديدة من المشاورات والاتصالات لعلّها تقود إلى إحداث خرق في جدار الأزمة قبل أن تصل إلى طريق مسدود، ما هو إلّا محاولة للهروب إلى الأمام". وسأل: "ما الجدوى من التمادي في هدر الوقت ما دام أنّ مواقف ​الكتل النيابية​ أصبحت معروفة ولا مجال لدفعها إلى أن تعيد النظر في خياراتها السياسيّة، بعد أن استقرّت وبصورة نهائيّة وحتّى إشعار آخر بين فريق يُصرّ على تشكيل حكومة "تكنو- سياسيّة"، وآخر يرى أنّ هناك استحالة أمام القفز فوق ​حكومة تكنوقراط​ تُشكّل من اختصاصيين؟".

ورأى المصدر السياسي أنّ "انسحاب الصفدي كمرشح لتشكيل الحكومة ما هو إلّا تعبير عن رفض شعبي لحكومة مختلطة، خصوصًا أنّ انسحابه جاء بعد تقويمه للواقع السياسي الراهن، في ضوء رفض كتل نيابية تنتمي إلى قوى "8 آذار" و"​التيار الوطني الحر​" الاستجابة لشروطه، وفرض شروط مضادّة عليه"، مشدّدًا على أنّ "حكومة من اختصاصيّين يُمكن أن تُحدث صدمة سياسيّة لا تؤدّي إلى تبريد الأجواء فحسب، وإنّما إلى محاكاة ​الحراك الشعبي​".

وَعَدّ أنّ "هناك ضرورة لكسر الحلقة المفرغة الّتي أقحمت البلد في مراوحة غير مسبوقة تلو الأخرى"، مشيرًا إلى أنّ "كَسرها ليس في التمديد للحكومة المستقيلة في مهمّة تصريف الأعمال، وإنّما في مبادرة الرئيس عون اليوم قبل الغد إلى دعوة الكتل النيابية لإجراء الاستشارات المُلزمة". وبيّن أنّ "التذرّع بعدم وجود مهلة دستوريّة لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل حكومة جديدة لن يُصرف في مكان، وسيُرتّب على البلد المزيد من الأزمات الاقتصاديّة والماليّة الّتي قد تصعب السيطرة عليها".

ودعا الرئيس عون إلى "الخروج من دائرة التريُّث والانتظار، والإسراع بإجراء الاستشارات المُلزمة"، موضحًا أنّ "التمهّل يمكن أن يبرّره الفريق الوزاري لو أن البلد يمرّ بظروف سياسيّة عاديّة غير تلك الظروف الضاغطة الّتي تلحّ على جميع المعنيّين، وأولهم عون، للخروج من دائرة المراوحة القاتلة". ووجد أنّ "لا مانع يدفع الرئيس عون إلى التردّد، وعليه أن يباشر في إجراء الاستشارات لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة، خصوصًا أنّ فريقه النيابي، والآخر المتحالف معه الّذي يمثّل قوى "8 آذار"، يضمّ 73 نائبًا، وهذا ما يسمح بإخراج البلد من دوامة تصريف الأعمال التي لم تعد تقتصر على الحكومة المستقيلة، وإنّما تجاوزتها لتشمل الواقع السياسي في البلد الّذي تحوّل أيضًا إلى تصريف للأعمال، في ظلّ مجموعة من الأزمات العاتية".

كما نوّه المصدر إلى أنّ "انسحاب الصفدي من السباق على ​رئاسة الحكومة​ أدّى إلى حشر الرئيس عون في الزاوية، والممر الإلزامي الوحيد للخروج منها يكون بإجراء الاستشارات، ما دام أنّ الأكثرية النيابية متحالفة معه، رغم أنّ رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ كرّر أمام زواره، بعد أن أُحيط علمًا بانسحاب الصفدي، أنّه لا يزال على موقفه الداعم لعودة رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​ إلى رئاسة الحكومة، باعتبار أنّ لديه القدرة على مخاطبة ​المجتمع الدولي​، ويتمتّع بصداقات خارجية تميّزه عن غيره من المرشحين، ويمكنه توظيفها لإخراج البلد على مراحل من أزمته الماليّة والاقتصاديّة".