وإنكسرت جرّة التسوية الرئاسيّة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. الخلاف لم يعد محصوراً فقط بتغريدة يغمز فيها النائب ​حكمت ديب​ من قناة فساد تيار المستقبل، ولا بردّ عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل ​مصطفى علوش​ عليه بالقول "نعيق البوم وصوت النشاز حكمت ديب تافه"… الخلاف بحسب المطّلعين وصل الى علاقة رئيس التيار الوزير ​جبران باسيل​ مع رئيس التيار الأزرق سعد الحريريالتي شارفت الى حد القطيعة كلياً. يقول المطلعون على موقف باسيل ان "المشكلة بدأت بتراكمات منذ ما قبل إستقالة الحريري من الحكومة، لكن الشعرة التي قسمت ظهر البعير، تمثّلت بكيفية تصرّف الحريري مع الإتفاق السياسي الذي أبرم لتسمية الوزير والنائب السابق ​محمد الصفدي​ لتشكيل الحكومة".

المصادر المطّلعة على موقف باسيل تضيف "ما بعد تنصّل الحريري من الإتفاق على تكليف الصفدي لن يكون كما قبله، وقد انكشفت للرأي العام في الساعات القليلة الماضية وبما لا يقبل الشك، خطّة الحريري القائمة على المعادلتين التاليتين: أنا أو لا أحد في ​رئاسة الحكومة​ وأنا ولا أحد غيري من القوى النيابيّة في الحكومة".

لهاتين المعادلتين، لا ترى المصادر المقربة من باسيل إلا تفسيراً واحداً، "رئيس تيار المستقبل يلاقي مطالب الحراك وأجندات بعض الخارج والمعادلتان تكشفان العمق السياسي للأزمة من دون أن تلغيا الأسباب الاقتصاديّة والماليّة الداخليّة لذلك لن يترك التيار ذلك يمرّ من دون التذكير به".

زوار وزير الخارجية ينقلون عنه أن الحريري ينفّذ بشروطه الحكوميّة انقلاباً على الدستور وعلى ​قانون الانتخابات​ وعلى التسوية الرئاسيّة، ويركب موجة ​الحراك الشعبي​ ليهرب من مسؤوليّته المباشرة ومسؤوليّة تيّاره عن السياسات الماليّة والاقتصاديّة، والمشاركة في الفساد على مدى 30 سنة، فيما التيّار لن يقبل بتحمّل ما ليس له مسؤوليّة فيه وما قاومه لسنوات وسنوات.

إذاً، يبدو أن كيل "التيار" قد طفح من تيار "المستقبل" ورئيسه والمعلومات تشير الى قرارٍ إتخذ بعدم السكوت بعد اليوم عن الإفتراءات التي قد تُرمى عليه أكان من فريق الحريري أم من غيره، كيف لا ومصادره تعتبر أنّ موقف قيادته قويّ بالدفاع عن الحقيقة، وما قاله الصفدي في بيانه الأخير يثبت صدق التيار، ويؤكد أن الحريري هو الذي اطاح بالاتفاق على تكليف الصفدي وبالإستشارات النيابية الملزمة. قرار قيادة التيار بالمواجهة، يؤشّر الى العودة مجدداً وتحديداً الى زمن "الإبراء المستحيل" والتراشق بتهم الفساد بين ميرنا الشالوحي و​بيت الوسط​، الأمر الذي يطرح سلسلة من الأسئلة، ماذا عن مصير الإستشارات والحكومة فيما لو عدنا الى تلك المرحلة؟ ومن أين سيأتي الحلّ إذا عادت القطيعة بين الفريقين وإذا أدّت هذه القطيعة الى عودة إصطفاف ٨ آذار والتيار بمواجهة ١٤ آذار؟ وهل سيقبل الشارع الذي يغلي ببقاء البلد من دون حكومة، فقط لأن الأفرقاء السياسيون يختلفون ويتهمون بعضهم البعض بالفساد وهدر المال العام؟.