لم يعد الحديث عن تدويل الازمة اللبنانية مجرد كلام في "الهواء" او تمنيات البعض او حتى اتهام من فريق لآخر بل هي واقع ملموس وظاهر بتصريحات اميركية وروسية وفرنسية وكلها تؤشر الى عمق الازمة السياسية والحكومية ويعكس حجم التدخل في الملف اللبناني وفق ما تشير اوساط في تحالف حزب الله و8 آذار. وتؤكد الاوساط ان الاتصالات ناشطة بين الروس والفرنسيين لايجاد غطاء لحكومة مختلطة بين التكنوقراط والسياسة وان تكون حكومة جامعة في حين يتمسك الاميركي بموقفه الحاد من تمثيل حزب الله حكومياً بحزبيين او غير حزبيين وهو ما عكسه السفير الاميركي الاسبق في لبنان جيفري فيلتمان امس الاول. وتقول الاوساط ان هذه المساعي والاتصالات لن تترجم بين ليلة وضحاها وقد تستغرق بعض الوقت. وتضيف الاوساط لكن هذه المساعي الغربية لا تعني الاستسلام من فريقنا لرغبة الاميركيين والفرنسيين وغيرهم ولا ننتظر منهم ان يسمحوا لنا او لا يسمحوا لنا تشكيل الحكومة او اي استحقاق داخلي آخر. وتكشف الاوساط ان الهم الاساسي لقوى الاكثرية النيابية والوزارية اليوم عدم جر البلد الى اصطفافات حادة او الى خيارات صدامية مع الفريق الآخر والمطلوب اليوم الخروج من الازمة وخصوصاً الاقتصادية والمالية بأقل اضرار ممكنة، ولا سيما ان الفريق المكون من تحالف حركة امل وحزب الله والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون وباقي احزاب 8 آذار في المركب نفسه وفي مؤسستين دستورتين هامتين لكنهما مرتبطتين بالمؤسسة الدستورية الثالثة للعمل والتشريع وتحقيق الاصلاحات المطلوبة. وتشير الاوساط الى ان الحديث عن ذهاب هذا التحالف نحو حكومة من لون واحد او حكومة اكثرية تستثني الرئيس سعد الحريري من رئاستها وكذلك حزب القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي ليس مطروحاً ولم يتم التداول به كخيار بديل حتى الساعة، في حال اصر الحريري على قبوله حصراً بترؤس حكومة تكنوقراط وبلا حزبيين، او اصر على رفضه تسمية شخصية غيره لترؤس اي حكومة كانت، ودعمها سنياً وتغطيتها وتأمين غطاء دولي لها ولحكومتها.

وتكشف الاوساط ان الخيارات التفجيرية او حكومة المواجهة الداخلية والخارجية خيار موجود ويمكن القيام به كردة فعل في اية لحظة على الاصرار على تعطيل كل المؤسسات واشتراط حكومة من نوع معين لا تلبي غالبية الشعب اللبناني المؤيدة لتحالف الثنائي الشيعي- عون، لكن هذا الخيار مكلف سياسياً محلياً ودولياً واقليمياً ليشكل ذريعة جديدة للتدخل الدولي وتمديد الازمة الى ما شاء الله ويجعل الاكثرية بكل رموزها في مرمى التصويب السياسي والشعبي والشخصي وتحميلها مسؤولية كل ما جرى على مدى 30 عاماً وما يجري اليوم من حصار مالي واقتصادي وازمات متناسلة على كل المستويات. وتلفت الاوساط الى ان قمة الكيدية السياسية هو ما تقوم به بعض الاحزاب والتي تسعى لاحياء 14 آذار وهي شاركت في كل الحكومات منذ العام 2005 وبعضها منذ العام 1992 وهو غسل يديها من كل ما قامت به لمجرد استقالتها من الحكومة والنزول الى الشارع وقطع الطرق ولبس لبوس الحراك وتبني المطالب الشعبية بمحاسبة الفاسدين. رغم ان المطلوبين الى القضاء من رموزها كثر!

وتكشف الاوساط ان الاتصالات مستمرة وكثيفة بين الثنائي الشيعي والحريري من جهة وبين الحريري وبعبدا والتيار الوطني الحر من جهة ثانية للوصول الى صيغة حل للحكومة تجمع بين هواجس الحريري وهواجس الاكثرية، حيث لا بديل من الحوار والتواصل والتشاور ولا يمكن لاي طرف لبناني عاقل ان يغلق بابه في وجه احد لا جبناً ولا خوفاً ولا تحدياً، بل من باب الوعي والهدوء والعقلانية فالذهاب الى الصدام لا يخدم احداً والكل خاسر فيه وخصوصاً البلد وشعبه واقتصاده واستقراره ولو هو مطلوب خارجياً لانهاء العهد وتطويقه ولعزل حزب الله ومحاصرته لكن انغماس الحريري او غيره في هذا المشروع.

وتشير الاوساط الى ان لا تقدم نوعياً في ملف الحكومة ولا حلول قريبة رغم تكثيف التواصل ورغم اعادة تعويم طرح حكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري، ويبدو ان لا صيغة غيرها حتى الساعة. وكذلك تكشف الاوساط ان هناك اسماء جديدة لثلاث شخصيات سنية يجري تحضير الاجواء لتداولها خلف الكواليس منعاً لحرقها قبل طرحها جدياً من ضمن سلة متكاملة ولم تطرح على الحريري بعد لتبنيها او رفضها. وتختم الاوساط بالتأكيد ان ورقة تحديد موعد الاستشارات النيابية ستبقى بيد الرئيس عون وهو سيعلن عنها متى شعر ان الاتصالات متقدمة وان الوصول الى حل حكومي بات ناضجاً.