دعا راعي ​أبرشية صيدا ودير القمر​ للروم الملكيين الكاثوليك المطران ​إيلي بشارة الحداد​ لـ"تشكيل حكومة مصغرة فاعلة تستطيع إجراء الإصلاحات اللازمة و​مكافحة الفساد​"، مشيراً الى "أننا كلنا نبحث عن العيش بكرامة. هذا كان نداء الكنيسة منذ تأسيسها وحتى اليوم. وجاء في الفاتيكاني الثاني :"إن أسمى مظهر للكرامة الإنسانية قائم في دعوة الإنسان إلى الاتحاد بالله. والإنسان مدعو إلى مكالمة الله منذ كان ولئن وجد فما ذلك إلا لأن الله خلقه بمحبة، وهو أبدا يحافظ على وجوده بمحبة، والإنسان لا يعيش ملء العيش وفاقا للحقيقة إلا إذا عرف بحريته هذه ​المحبة​ وسلم أمره لله". (عالم اليوم 19)".

وخلال احتفاله بالذبيحة الالهية من أجل ​السلام​ في ​لبنان​، في بازليك ​سيدة المنطرة​ في ​مغدوشة​، بمعاونة لفيف من كهنة، اوضح الحداد أنه "تخاطب الكنيسة اليوم شبابها وتستمع إلى همومهم وتقدر رأيهم في المساهمة لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية و​المال​ية والسياسية، ولإعطاء ​الحياة​ الكنسية والاجتماعية إنطلاقة جديدة ترتكز على القيم الروحية والأخلاقية والكرامة، بالتزامن مع مستجدات جذرية على مستوى شباب لبنان وشعبه الذين انتفضوا انتفاضة تاريخية وحضارية للتعبير عن فقدان ثقتهم بالقادة السياسيين. وعن رغبتهم برؤية وجوه نظيفة تلتئم في حكومة مصغرة فاعلة تستطيع إجراء الإصلاحات اللازمة ومكافحة الفساد وضبط المال العام".

وأشار الى "أنني أعود إلى كلمة ​البابا​ فرنسيس يتوجه فيها إلى سكان أرض ​الأرز​ النبيلة يوم الأحد 27 تشرين الأول وبخاصة الى ​الشباب​، داعيا الجميع إلى إيجاد الحلول المحقة عن طريق الحوار. وقد توقف البابا عند الحدث الوطني الذي يتمثل ب​الانتفاضة​ الشعبية المذهلة التي انبرى فيها المتظاهرون، وبخاصة الشباب والصبايا، موجها إليهم الشكر على الدينامية الإيجابية التي خلقوها والتي لا ينبغي أن تنطفئ بأي شكل من الأشكال، وعلينا أن نعمل كل ما بوسعنا كي يكون تحركهم حافزا للبنان متجدد، أكثر عدالة وديمقراطية، وأكثر تضامنا وأخوة. ومشهد البارحة لهو مشهد واعد في احتفال ​الاستقلال​".

ولفت الى أن "​العالم​ كله يوجه أنظاره إلى لبنان وشباب لبنان وشاباته المتواجدين في الشارع اليوم. إن العناوين التي يريدها العالم المعاصر هي الحرية والعدالة والمساواة والكرامة والديمقراطية. و​اللبنانيون​ يبرهنون يوما بعد يوم أنهم شعب يحب الحياة بكرامة وعنفوان لا بذل ومهانة"، مؤكداً أن "الكنيسة هي من الشعب وهي مجموعة المؤمنين. تقف إلى جانب أبنائها لتطالب بالعيش الكريم وإنهاء ​حالات​ الفساد. وتضع مؤسساتها التربوية والإنسانية بخدمة هذه القضية لخدمة الناس لاسيما الفقراء منهم. آن للدولة أن تستفيق لتؤمن ما أمنته الكنيسة حتى اليوم من خدمات كلفت الناس مبالغ تفوق قدرتهم وشكلت للكنيسة إحراجا مع الفقراء. تعالوا نتحاور مع ​الحكومة​ العتيدة التي نطالب بتأليفها بأسرع وقت ممكن إذ تنتظرها ملفات كبيرة وصعبة. نتحاور لتأمين مبدأ المشاركة بين الكنيسة و​الدولة​ والمجتمع في التعليم والتربية والطبابة وسواها من الخدمات على أن تضع الكنيسة كل إمكاناتها وتقنياتها في خدمة الناس وتؤمن الدولة مجانية الخدمات".

وشدد على "أننا ننوه بنداء غبطة البطريرك الراعي الذي دعا ​المدارس​ و​الجامعات​ الكاثوليكية إلى ترشيد الإنفاق وعدم زيادة الأقساط، مطالبا الدولة بدعم الأهالي في جزء من الأقساط صونا لحرية التعليم".

وأشا الى "أننا سمعنا الساحات تنادي بمجتمع مدني وتغيير النظام الطائفي. أود أن أعبر عن رغبة الكنيسة على لسان البابوات والقوانين في احترام الأنظمة المدنية لاسيما التي لا تتنافى مع الأخلاق وتعليم الأديان. إن للبنان طابعا خاصا به إذ هو مجموعة طوائف والدين بريء من الطائفية. والحكومة المزمعة إذا ما كانت ذات طابع تكنوقراطي أو مدني أو سياسي عليها التوقف عند قيم الأديان بعيدا عن سموم الطائفية. إن ​الثورة​ الحقيقية هي ثورة المسيح على ما ليس محبة. ولا يظننا أحد أن ​العلمانية​ الفرنسية أو الدولية يمكنها أن تطبق كما هي في بلد الأديان لبنان. إبتداء من ​الزواج المدني​ الاختياري، إلى زواج المثليين، وزواج الأمر الواقع و​الإجهاض​ والقتل الرحيم إلى ملفات أخرى تغير قيم لبنان واللبنانيين نرفضها جملة وتفصيلا".