لفت رئيس كتلة "الوسط المستقل" النائب ​نجيب ميقاتي​، إلى أنّ "هناك متغيّرات كثيرة تحدث على الساحة ال​لبنان​ية اليوم، ونخطئ إذا أبقينا على الطريقة التقليديّة للحكم بوجود هذا الجيل الجديد". وبيّن أنّ "من هنا ضرورة أن نستمع إلى هذا الجيل جيّدًا لندرك هواجسه وإلّا سنصل حتمًا إلى طريق مسدود، ولسوء الحظ لم يتغيّر أيّ شيء في نمط التعاطي، بعد مرور أكثر من شهر على هذا ​الحراك الشعبي​ وعلى هذه الصرخة الّتي أعتبر انّ عمرها سنوات، وتحديدًا مع بداية العهد الحالي، حيث انتظر المواطنون الكثير من هذا العهد من ثمّ تفاجأوا انّها مجرّد وعود اتَخذت أحيانًا منحى معاكساً لِما يتمناه الناس. إضافة إلى ذلك، فقد جرت انتخابات نيابية، ولا أحد يسأل لماذا 60 في المئة من الناس لم يشاركوا في هذه الانتخابات".

وأوضح في حديث صحافي، أنّ "الناس لم يشاركوا في أغلبيّتهم لأنّهم يرفضون النظام المعلّب والقوانين الانتخابيّة الّتي تظهر نتائج الانتخابات قبل إجرائها، وكان انخفاض نسبة المشاركة في الاقتراع مؤشّرًا واضحًا إلى أنّ الناس غير راضية، في حين لم يعمَل المعنيّون على قراءة نتائج الإنتخابات جيّدًا وإعادة تصحيح المسار. من هنا بدأت، في رأيي، الصرخة الكبرى و​الانتفاضة​ الحقيقيّة". وأكّد "أنّنا الآن أمام وضع جديد من الضروري قراءته بنظرة مختلفة ومعالجته بطريقة مغايرة عمّا كان يحصل سابقًا، وهو يتمثّل بصرخات المواطنين الصادقة في الشارع، الّذين لم تعد لديهم ثقة بالطبقة الحاكمة نتيجة الوعود المتكرّرة الّتي بقيت من دون تنفيذ".

وركّز ميقاتي على أنّ "في اختصار، الناس على الأرض يقولون لجميع المسؤولين اليوم "انّنا سحبنا الوكالة منكم". ولا ننسى أنّ ​الوقود​ الحقيقي لهذا الحراك هو الوضع الإقتصادي المتردّي والأزمات المعيشيّة وارتفاع سعر الدولار و​البطالة​ و​الضرائب​ وأخبار الصفقات الّتي تستنزف الخزينة العامة، وهي أزمات سبقت التحرك الشعبي وكانت السبب المباشر لاندلاعه". وذكر أنّ "من نزلوا إلى الشارع يريدون من الطبقة السياسيّة أن تقدّم رؤية للحل، لأنّها صاحبة القرار لاسيما في السلطة التنفيذيّة، لكنّ هذه الطبقة السياسيّة لم تقدّم سوى الوعود". ونوّه إلى "أنّنا نسمع بخطط متكرّرة لحلّ أزمة للكهرباء ولا نبصر نورًا".

وفسّر أنّ "الشعب ينادي بحلّ ​مشكلة النفايات​ ولا يحصد إلّا المزيد من ​الأمراض​ السرطانية نتيجة ​التلوث​، المواطن ينادي بإصلاح الإدارة ولا يرى سوى مزيد من ​المحاصصة​ وتعيين الأزلام، ولذلك قال الشعب: طفح الكيل "كلكن يعني كلكن، لقد سحبنا وكالتنا منكم". وأعلن أنّ "انطلاقًا من هذا الواقع، أنا أرى من الآن أنّ لبنان دخل في مرحلة جديدة مختلفة حتمًا عن الواقع الذي نعيشه، وهذا الحراك الشعبي لا يمكن إلّا أن يؤدّي حتمًا إلى تغيير حقيقي في لبنان، خصوصًا أنّ المسؤولين والسياسيّين لم يقرأوا بعد أنّ هذا الحراك الشعبي ناتج حقًّا من وجع الناس واقتناعهم بأنّ الحل يكون ضمن ​المؤسسات الدستورية​، ولكنّهم لا يثقون بمن يمثّلهم وبما أفرزته ​الانتخابات النيابية​".

ورأى "أنّنا حتّى نخرج من الطريق المسدود ومن الوضع الّذي نحن فيه اليوم ونفتح أفقًا جديدًا، نحن في حاجة إلى ثلاثة أمور أساسيّة هي أوّلًا تشكيل حكومة انتقاليّة، ثانيًا إقرار إصلاحات ماليّة وموازنة العام 2020، وثالثًا إقرار قانون انتخابات جديد تليه انتخابات نيابية مبكرة". وأفاد بأنّ "من هنا ضرورة أن يكون هناك اتفاق بين جميع الجهات السياسية، على حكومة اختصاصيين، ببيان وزاري مختصر بالأساسيّات، تأخذ ثقة ​مجلس النواب​ على أساسه، بعدها تفتح جلسة لمناقشة موازنة 2020 وإقرارها بمادة وحيدة، من ثمّ يفتح الباب ل​قانون الانتخاب​، ويحدّد رئيس مجلس النواب مهلة أسبوعين بجلسات مفتوحة للانتهاء من مناقشته وإقراره بحيث يكون متوازنًا مبنيًّا على أساس النظام النسبي، بحيث يقرّ هذا ​القانون الانتخابي​، وتنصّ المادة الأخيرة منه على تقصير ولاية ​المجلس النيابي​ الحالي المنتخب عام 2018 من 4 سنوات إلى سنتين تنتهي في 31 أيار 2020".

ونوّه إلى أنّ "بهذه الطريقة، تنصرف الحكومة إلى عملها الإنقاذي بواسطة وزرائها الاختصاصيّين، وتنشغل الطبقة السياسيّة بالتحضير للانتخابات المقبلة، ويعمل الحراك الشعبي الّذي سحب الوكالة من الطبقة الحاكمة على الاستعداد لتوكيل أناس جدد يمثّلون الشعب حقّ تمثيل، فيما تنشغل الحكومة بإنجاح نفسها وتنفيذ الخطط الاقتصاديّة والاجتماعيّة الإنقاذيّة للبلد".