عندما سُئل رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​سعد الحريري​ عن مشكلته السياسية الأساسية التي دفعته الى تقديم إستقالة ​الحكومة​ على رغم كل النصائح التي قدمت له بالتريث وبعدم التسرع في إتجاه خطوة كهذه تدخل البلد بالفراغ هلى صعيد ​السلطة​ التنفيذية، أجاب، بالكلمتين التاليتين، ​جبران باسيل​. هذا قبل الإستقالة، أما بعدها، وعندما كان يطرح السؤال على الحريري مراراً وتكراراً ومن أكثر من فريق سياسي، ما مشكلتك مع الإستشارات النيابيّة الملزمة ولماذا لا تحسم أمرك لناحية قبول التكليف أم لا، كان يأتي جوابه بكلمتين أيضاً، جبران باسيل. مرّت الأيام، وحُرقت أسماء كثيرة في بورصة المفاوضات الحكوميّة، وأبرزها الوزير والنائب السابق ​محمد الصفدي​، ليتبيّن أن مشكلة الحريري الحقيقيّة مع كل ما كان يحصل ولا يزال، هي أبعد وأكبر من إسم الوزير جبران باسيل. مشكلة تختصر بكلمتين فقط، ​ميشال عون​، أو ​رئيس الجمهورية​.

فبحسب المصادر المتابعة لكواليس المفاوضات المتعلقة ب​الأزمة​ الحكومية، أكثر ما بات يزعج الحريري هي طريقة تعاطي رئيس الجمهورية مع ملفّ إستشارات التكليف، إذ أنّ الرئيس عون أصبح هو من يشكّل الحكومة قبل أن يحدد موعداً للإستشارات النيابية الملزمة، وهذا ما يعتبره الحريري وفريقه السياسي إستخفافاً بصلاحيّة رئيس الحكومة المكلّف ​تشكيل الحكومة​، وفي هذا السياق، يقول مصدر نيابي في ​تيار المستقبل​، "لقد إستقال الرئيس الحريري من الحكومة لسببين أساسيين، أولهما ضغط الشارع وما يحصل منذ ١٧ تشرين الأول الفائت، والسبب الثاني، هو إستعادة ما خسره شعبياً في الشارع السُنّي، وهو ما يهمه أكثر من أي شيء آخر، ولكن ما حصل عملياً هو أنّه إستقال وأصبحت كرة التأليف في ملعب رئيس الجمهورية الذي قرّر هذه المرة، وبالتوافق مع حلفائه في ​السياسة​، أن يركز إتّصالاته على تركيبة الحكومة قبل تكليف رئيس لتشكيلها، وبدلاً من أن يستفيد الحريري شعبياً من الإستقالة بدأت ترتدّ عليه سلباً لناحية أن رئيس الجمهورية المسيحي هو الذي راح يشكّل الحكومة بدلاً من السنّي المكلف تشكيلها." أكثر من ذلك، ودائماً بحسب المصادر المطلعة على كواليس المفاوضات الحكومية، ما أزعج الحريري أيضاً، هو التعاطي معه من قبل الأفرقاء الأساسيين على قاعدة إمّا أن تقبل التكليف بشروط وإمّا نبحث عن غيرك، وهذا ما حصل فعلياً، وفي هذا السّياق تردّ مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية، بالقول، "هل كان يتوقع الحريري منا أن نوقف البلد لأجل شروطه؟ وهل كان يعتقد أن تنصّله من كل تعهّداته وإتّفاقاته السياسية، لن يتم الرد عليه؟.

إذاً، مشكلة الحريري لم تعد مع رئيس "​التيار الوطني الحر​" فقط بل مع رئيس الجمهورية و"والوطني الحر"، ومع مكوّنات ما كان يعرف بفريق الثامن من آذار، وبالتالي من هنا يطرح السؤال، كيف سيتعاطى الحريري مع هؤلاء ومن موقعه في ​مجلس النواب​ عندما يسمّى رئيس غيره لتشكيل الحكومة وهو ما أصبح متوقعاً بين يوم وآخر؟!.