البلد "قايم قاعد" هذه الأيام، وعلى الشاشاتِ يَخرج علينا جهابذةُ التحليل. يدورون حول ​الكرة الأرضية​ ليُخبِرونا عن أسرار الآلهة، وعن المخططات أو التسويات التي تُطبَخ لنا في كواليس دول القرار...

إلى هؤلاء السادة نقول: اتركوا عواصم القرار لأهلها. وتعالوا إلى هنا، إلى الشعبِ الذي يناضل كي يستعيد كل حقوقه المسلوبة وامواله المنهوبة والمحولة بعد ان أصبح كل الشعب على حافة الانهيار المعيشي.

و"اللي فينا بيكفينا"!

***

تُرى، ما شأن عواصم القرار بعمليات النهب التي أفقرتنا؟ وهل هذه العواصم هي التي سلَّطت علينا "زُمْرة" النهبِ التي تتحكّم بنا منذ 30 عاماً وأكثر؟

تُرى، هل هذه العواصم هي التي أفرغت مصارفنا وكسَّرت ​الليرة​ وجوَّعت الشعب وأذلَّتهُ، أم "زمرةُ النَهَبْ البَلدي" المعروفة؟

تُرى، هل العواصم هي التي ارتكبت الموبقات في مؤسسات الدولة أم "زُمْرة النهب" المقيمة سعيدةً على أكتافنا؟

على العكس، ألم يحاول بعض هذه العواصم مساعدتنا لتأجيل سقوطنا المحتوم منذ سنين؟

ألا "يتَرَجّانا" الرئيس ماكرون ومستشاره دوكان لنقفل دكاكين ​الفساد​ والهدر ونستحق ​مساعدات​ "سيدر"… وأما نحن فقد سقطنا وما زلنا "نتغنَّج"؟

***

اتركوا المناظير البعيدة جانباً… وضعوا نظّارات الـ"عَنْ قريب".

سترون أن عاصمة قرارنا اليوم هي ​بيروت​ بطلابها العاجزين عن دفع أقساطهم وعمالها وموظفيها الذين أُكِلت رواتبهم...

وهي ​بعلبك​ وصور وزحلة و​النبطية​ الصارخة من الحرمان والوجع.

وهي ​طرابلس​ حيث ​الأطفال​ُ وأهلهم يرزحون تحت وطأة الحاجة والعوَز…

***

هل رأيتم المشهد الموجع من طرابلس عروس ​الثورة​؟

هل رأيتم مدرسة ​الكفاءات​ "ترفع العَشرة" ليغادرها 1000 طفلٍ من ذوي الحاجات الخاصة إلى منازلهم أو يتشردون...

هناك، في مدينة الزعماء ذوي المليارات، الذين لا تقف حاجةٌ في طريقهم، يُنبذُ الضعفاء ذوو الحاجات الخاصة…

هناك، حيث الرجل الأغنى، الرئيس ​نجيب ميقاتي​، يَفرِش "حنانَه الثوري" ويقول للثوار من ​قصر العدل​، بعد مثوله أمام قاضي التحقيق: "أنا معكم"! ويطلق ابتساماته عبر ​الشاشة​، منشرحاً يضحك للحياة...

هناك يبكي 1000 طفلٍ وأهلُهم من ​الفقر​ والقهر…

تُرى، لماذا لم "يُقرِّش" الميقاتي هذا "الحنان" على الفقراء، فيَفتح الفيلا أو أياً من أملاكه الأخرى لتأوي هؤلاء الأطفال المساكين؟

ربما معذورٌ دولة الرئيس… فكيف يؤمِّن الإسكان أو المدرسة لـ1000 طفلٍ، فيما هو نفسُه منشغلٌ بدعاوى الإسكان وتسديد قروضه الشهيرة!

***

يا أهل ​السلطة​ الكرام، شكِّلوا ​الحكومة​ وخلِّصونا.

لقد تعِبْنا وقَرِفنا!

أساساً، بالنسبة إلينا، هي "حربٌ أهليٌّة" تدور بين أهل السلطة أنفسهم فقط، ولا علاقة للشعب الواعي الأصيل بها.

فتفضَّلوا وحلّوها كما تريدون وأريحونا منكم.

ولننتظر كيف ستحكمون!

ويُبنى على الشيء مقتضاه.

***

هل تتوقعون ما سيجري عندما يستشري الجوع… و"الجوع كافر"؟

هل تتخيَّلون ماذا سيفعل المواطن الصابر على 300 ​دولار​ أسبوعياً… إذا وُجِدت، وعلى "ذوَبان" الراتب... إذا وُجِد؟

هل تعرفون بأي شراسة سينفجر الجائعون؟

هؤلاء الأوادم لن يكتفوا بالصراخ.

سيكشّرون عن أنيابهم وينزلون، لا إلى ساحات الاعتصام، بل إلى حيث يريدون أن ينتقموا ويحطموا ليأكلوا…

فاليوم "طرطقةُ" طناجر… ولكن حاذروا غداً "طرطقةَ" التكسير…

وإياكم أن تصمّوا الآذان وتطبقوا الأعْيُن!

***

"كُنْ على حذَرٍ من الكريم إذا أهنتَه، ومِن العاقل إذا أحرجتَه". هذا رأس الحكمة فاتعظوا…

ماذا سيفعل شعبنا الواعي عندما يصبح وجهاً لوجهٍ مع الحائط المسدود؟

ماذا سيفعل الشرفاء أهل بعلبك وصور وبيروت وزحلة و​جبل لبنان​ وطرابلس؟

ماذا سيفعلون عندما تنفد أكياس "المونَة" والمعلبات من الخزائن والجوارير والبرادات؟

***

اتقوا الله يا أهل السلطة مجتمعين متضامنين. وإذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا.

تعالوا بهدوء إلى خزنةٍ جماعيةٍ تضعون فيها ما تيسَّر من مليارات نهبتموها، أنتم وأولادكم وأحفادكم والأنسباء والأزلام.

على مدى ثلاثين عاماً ومحور آخر ثلاث سنوات أدت الى القطيعة بينكم وبين الشعب المليوني الذي ترونه حفنة من الناس.

على الأقل، عليكم إرجاع 50 ملياراً من أصل مئات المليارات...

وإلا فليحكم الشعب، ويسترجع ​المال​ الحرام غصباً عنكم.

فبين موتِ شعبٍ بكامله وجشعِ حفنةٍ من الديناصورات، الأفضلية للشعب!

الشعب هو القيمة والمقدَّس.

***

في الانتظار، ثمة شيء يمكن القيام به يا حاكم ​مصرف لبنان​، صاحب الهندسات، يا مَن تُقرَع له الأجراس... ويا بروفسور رئيس ​جمعية المصارف​، القابع في قصره في الجبل. على الأقل، انقذا تعب الناس وجنى أعمارهم والويل ثم الويل إذا ذوبتما أو قصصتما من الودائع أي HAIRCUT الذي هو جزء بسيط من عرق جبين الشعب الواعي.

بكل صدق وامانة للتاريخ تحرّكْ الحاكم ​رياض سلامة​ وأصدر أحكامَك، وأجبِر كافة المصارف على رفع رؤوس الأموال 20% كما طالبَتها…

أرغِمها على إعادة المليارات الهاربة، والمليارات التي تستثمرها في مصارف المراسلة…

عيبٌ أن يتلاشى رخاء الوطن في زمن ارباحكم... وعندما يدعوكم الواجب لدعم القطاع والودائع تسقطون هيكل الوطن على رؤوسنا!

***

وبالمناسبة، مليارٌ ونصفُ المليار دولار سدَّدتموها "ع فَرْد إجْر"، للدائنين في الخارج…

دفعتموها بكل طيبةِ خاطر، دفعةً واحدة، وأنتم صاغرون…

لم يرفّ لكم جفنٌ، ولا فكَّرتم في أننا نختنق بحثاً عن كل دولار لشراء ​القمح​ أو ​البنزين​ أو ​الدواء​...

لماذا هذا الكرَم؟

ألا يسمح لكم شرفكم بتقسيط المبلغ على 3 دفعات مثلاً؟

طبعاً لا. للخارج كلُّ أمواله بلا تأخير… وللمواطن 300 دولار أسبوعياً... و"إذا مش عاجبك، دقّ راسك بالحيط"!

في أي حال، نحن نعرف أن تصنيفنا السيادي في القعر لم يعد يسمح لنا بترف حتى التقسيط...

***

سنصلّي لئلا يدفع شعبنا الأصيل الطيّب المحب لتراب وطنه ثمن مكابرتكم، و​المحاصصة​ التي لا تزال كما هي في التأليف قبل التكليف. ولن يشارككم الشعب بها كونوا واثقين.

تذكروا أن "لا أحد فوق رأسه خيمة" و"ما حدا أحسن من حدا"… واتعظوا لأن الندم لا ينفع...

والشعب الواعي صابرٌ صامدٌ... ولن يتراجع عن حقِّه ولن يستكين!