يشتكي البعض اليوم من تداعيات الازمة التي يعيشها لبنان، وخصوصاً بالنسبة الى صلاحيات ​رئاسة الجمهورية​ و​رئاسة مجلس النواب​ و​رئاسة الحكومة​. الحديث اليوم يتركز على تأخير رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ من توجيه الدعوة الى اجراء استشارات نيابية، ألزمه ​الدستور​ بها حين تستقيل الحكومة، من اجل تكليف شخص ما تشكيل حكومة جديدة. ليس سراً ان هذه الخطوة لم يقم بها عون بعد، وهو اعلن مراراً وتكراراً انه لن يقوم بها قبل التأكد من ان مهمة التأليف ستكون سهلة على غرار موضوع التكليف، وهو امر قسم الشارع اللبناني بين متفهّم لهذا الاجراء، ومستهجن ومستغرب له. وبغض النظر عن صوابيّة هذه الخطوة من عدمها، فإنها تشكل بالفعل سابقة وقد طال الوقت، فكيف التوفيق بايجاد الحل؟ في الواقع، ليس هناك من سبيل سوى التوجه الى اجراء بعض التعديلات في بنود دستورية محددة، ولكن العقدة الاساس تكمن في عدم ثقة اللبنانيين في ان هذه التعديلات ستكون لمصلحة لبنان، بل لمصلحة اشخاص او طوائف، وقد تمس بالتركيبة اللبنانية. ولكن، فليطمئن القلقون، لان التعديلات المقترحة لا تمسّ من قريب او بعيد بالتركيبة التي لا تزال تقوم على ​الطائف​ية، ولن تشكل ايّ خلل في موضوع ​المناصفة​ او ما يحكى عن مثالثة او غيره، كما انه من غير المطلوب ان تطيح بالطائف او ان تستبدله.

الحل السليم لا يكمن في انتقاد الرئيس، او اعلاء الصوت بأنه يسيطر على الحكومة ويخرق الدستور، او انه يرغب في تكسير الجميع... انما يكمن في ادخال بند دستوري جديد يحدد فترة زمنية (اسبوع او اسبوعين على الاكثر مثلاً)، من اجل دعوة النواب وتكليف من يسمّونه، ​تشكيل الحكومة​ العتيدة. ولكن، من باب العدل والانصاف والمساواة، يجب ايضاً ادخال بند دستوري جديد يحدّد لرئيس الحكومة المكلّف فترة زمنية مماثلة او اطول قليلاً (شهر على سبيل المثال)، لتقديم تشكيلة حكوميّة الى رئيس الجمهورية، لا ان تبقى المدة مفتوحة والى اجل غير مسمى.

في المقابل، ومن اجل احداث صدمة ايجابية لدى الناس، يمكن ادخال بند آخر خاص برئيس مجلس النواب والنواب، ينص على تحديد فترة زمنية مقبولة للبت بالقوانين وبمشاريع القوانين المحالة اليهم، وعدم المماطلة بها ووضعها في الجوارير لفترات من الزمن قد تصل الى عقود.

انها اجراءات بسيطة بالفعل، ولكنها بالغة الاهمية وقادرة على انقاذ اللبنانيين من اوضاع ومواقف تؤثر عليهم بشكل مباشر، وتترك نتائج بالغة الاهمية على مصير الوطن ايضاً، وهي في الوقت نفسه لا تمس بالتركيبة اللبنانية او بالتوازنات، ولا تطال اشخاص معنيين لانها موجهة الى من يتحمل مسؤولية رسمية في المناصب لسنوات وسنوات، وليس فقط من يتولاها مرحلياً. من المؤكد ان البعض سيعترض على هذا الاقتراح، وسيشكك بخلفياته وما اذا كان من اجل دعم شخص او اشخاص، ولكن القراءة المتأنية والمصلحة اللبنانية تفرضان وضع كل المصالح الجانبية جانباً، والتفرغ من اجل مصلحة الوطن من خلال اتباع القوانين والانظمة، وليس من خلال إحداث فوضى ومخالفة القانون او فرض حلول بالقوة، ولنفكر معاً كم من الوقت والجهد والتفسيرات والاتهادات التي يمكن ان نوفّرها جميعاً على انفسنا ووطننا، اذا ما اعتمدنا هذا الاقتراح وعدم التلهي بتفخيخه او إلباسه لباساً لا يليق به، وقد يكون الحل الامثل للمساهمة في تخفيف المشاكل والتعقديات السياسية عوض عن تركها تتفاقم وتتأزم وتجد طريقها الى حد التهديد بالفوضى.

لا يمكن مقارنة لبنان بأي بلد آخر، ولذلك يجب استنباط الحلول التي تصلح من اجل التغلب على الصعوبات وعدم الاكتفاء بانتظار المشاكل ومحاولة التكيّف معها، او معالجتها بـ"الترقيع".