تعددت الأسماء والنتيجة لا تزال واحدة، لا حكومة حتى اللحظة، رغم استمرار المشاورات، وارتفاع نسب التفاؤل وانخفاضها بشكل يومي، حتى بتنا نحتاج الى معجزات سياسية للدعوة لاستشارات نيابيّة، يُفترض إن حصلت ألاّ تتأخر ​الحكومة​ بعدها، كون ما يجري حاليا هو محاولة الاتفاق على كل تفاصيلها.

كل المؤشرات الحالية توحي بصعوبة التأليف، ولعل ما حصل في ​العراق​ إثر استقالة حكومة عبد المهدي يجعل المشهد أصعب، فليست المرة الأولى التي تترابط حكومة ​لبنان​ بتلكالعراقيّة أو العكس، وسيكون لبنان محظوظا إن كان قرار ​تشكيل الحكومة​ فيه يسبق قرار تشكيل الحكومة العراقيّة، وبالتالي ينعكس شكلها في لبنان على شكلها في العراق.

ترى مصادر سيّاسية مطلعة أن تدويل ​الأزمة​ في لبنان عمره من عمر استقالة الحكومة بسبب نصائح أميركيّة، فرئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​سعد الحريري​ لم يستقل بناء لرغبة ذاتيّة، ولا بسبب ضغط قوى سياسية محليّة ولا حتى بضغط الشارع، بل لأجل مطلب أميركي واضح، ومن هناك بدأت مسارات تدويل الأزمة، ورأت أن المؤشرات الراهنة لا توحي بأن الحظر الأميركي عن تشكيل الحكومة قد رُفع، رغم أن المعطيات الداخلية تعكس إيجابيّة ما.

يتبادل المعنيّون بتشكيل الحكومة الاتّهامات حول التعطيل، فيقول الحريري بأن ​التيار الوطني الحر​ والثنائي ​حركة أمل​ و​حزب الله​ هما سبب عدم ولادتها وبأنه يقدّم كل التسهيلات اللازمة، ويقول رئيس التيار الوطني الحر ​جبران باسيل​ أن المشكلة بين ​الثنائي الشيعي​ والحريري، ويقول الثنائي الشيعي أن المشكلة لدى الحريري الذي يريد أن يترأس الحكومة ويحرق الأسماء المرشحة ولكن ليس في هذا التوقيت، وعلاقته بباسيل ورفضه لمشاركته بأي حكومة معه. النتيجة واحدة أن لا حكومة بعد.

تؤكد المصادر أن الكثير من ​الأخبار​ التي تُسرّب في الإعلام حول الحصص والحقائب والأسماء هي غير دقيقة والهدف منها "دس" نبض الشارع، مشيرة الى أن إثارة أجواء تفاؤلية أحيانا هو أيضا بهدف رمي كرة التعطيل في ملاعب الآخرين. وتضيف: "حتى اللحظة ما اتُفق عليه مع ​سمير الخطيب​ هو شكل الحكومة، ولا تزال فكرة وجود وزراء دولة من السياسيين خاضعة للنقاش بظل وجود رأيين، الاول يقول بمشاركة وجوه سياسية رفيعة كوزراء دولة وتسليم الحقائب للاختصاصيين على أن تتم تسميتهم من ​الكتل النيابية​ ولكن بصفات واضحة تلقى قبول الشارع، والثاني يقول بإلغاء وزارات ​الدولة​ ومشاركة سياسيين من الصف الثاني في الحكومة الى جانب الاختصاصيين".

وتتابع المصادر: "كذلك تم الاتفاق مع الخطيب على هويّة ​وزارة المالية​، اذ ليس صحيحا أن هناك خلافا حولها، ولكن الصحيح أن تمسك الثنائي الشيعي بهذه الوزارة رفع من مستوى طلبات القوى السياسيّة الأخرى بحقائب سياديّة"، مشيرة الى أن ما ليس صحيحا هو ما نُقل عن مطالب الوطني الحر مثلا، اذ لا يزال باسيل يبحث عن الطريقة الأمثل التي تعوّض خروجه من الحكومة بحال حصل.

وتكشف المصادر أن من بين العقبات الأساسية التي تعترض الوصول الى الخواتيم السعيدة، رغبة الحريري بحصول الحكومة على صلاحيّات تشريعية استثنائيّة تُتيح لها وضع قانون للانتخابات، وهذا الأمر يعني جلوس ​المجلس النيابي​ الحالي على مقاعد البدلاء، وهو ما لن تقبل به الطائفة الشيعيّة ولا الاكثريّة النيابيّة، مشيرة الى أنّ هذا المطلب لم يُولد من بنات أفكار الحريري، بل هو بسياق لعبة دوليّة تبحث منذ سنة ونصف عن طريق لإلغاء مفاعيل ​الانتخابات​ النيابية الأخيرة في لبنان.

تلفت المصادر النظر الى أن زيارة ​وليد جنبلاط​ الى ​عين التينة​ اليوم لا تصبّ في مصلحة الخطيب، بل ربما تُعيد تعويم إسم سعد الحريري مجدّدا، علمًا أن هذا الإسم لم يسقط من حسابات حركة أمل وحزب الله، مشيرة الى أنه "ربما" يكون لزيارة جنبلاط الى ​بيت الوسط​ اليوم علاقة بمسار الملفّ الحكومي، سواء إيجاباً، وهذا ما سينعكس دعوة للاستشارات النيابية خلال 48 ساعة، أو سلباً، الأمر الذي سينعكس بالشارع وبالوسط السياسي قبل ذلك بكثير.