على الرغم من تحديد رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ موعداً للإستشارات النيابية الملزمة، يوم الاثنين المقبل، بناء على التفاهم بين القوى السياسية الأساسية: "​حزب الله​"، "​حركة أمل​"، "​التيار الوطني الحر​"، "​تيار المستقبل​"، على تسمية رئيس مجلس إدارة شركة "خطيب وعلمي" ​سمير الخطيب​، إلا أن الغموض لا يزال يكتنف موقف جميع الأفرقاء، خوفاً من "إحراق" الإسم في الأيام المقبلة، ما يعيد الأمور إلى المربّع الأول.

في هذا السياق، من الضروري الإشارة إلى أن الخطيب ليس المرشح الأفضل لدى أيّ من القوى السّياسية المذكورة أعلاه، فالأكثريّة النيابيّة لا تزال تفضّل عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​ إلى السراي الحكومي على رأس حكومة تكنو-سياسية، نظراً إلى ما يشكله من ضمانة على المستويين الداخلي والدولي، بينما موقف "تيار المستقبل" الأساسي واضح، لجهة التمسّك بترشيح الحريري على قاعدة تشكيل حكومة تكنوقراط، وبالتالي يمكن القول أن اسم الخطيب جاء في إطار الحلّ الوسط الذي قد يسقط في أيّ لحظة.

في هذا الإطار، هناك جملة من الأسئلة التي تطرح نفسها على بساط البحث، تبدأ من موقف ​الحراك الشعبي​ في الشارع، الذي ولد في السابع عشر من تشرين الأول الفائت، من تسمية الخطيب نفسه، وقدرته على قلب معادلة التفاهم في الشارع من جهة ثانية، خصوصاً إذا ما كانت القوى السّياسية صادقة في الوعود التي قطعتها.

على هذا الصعيد، تُطرح بين المجموعات الفاعلة في الحراك الشعبي الكثير من الأسئلة حول الخطوات المقبلة، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة عبر "النشرة"، نظراً إلى أن إسقاط اسم الخطيب في الشارع قد يكون أمراً ممكناً في الأيام المقبلة، وهي بدأت بالتحرّك للوصول إلى هذه النتيجة قبل موعد الإستشارات النيابية الملزمة، مستفيدة من القوى السياسية الراغبة في تنفيذ هذا السيناريو أيضاً، بالإضافة إلى العديد من نقاط القوّة التي يقدمها الاسم نفسه، لناحية الشبهات التي تدور حوله، بالإضافة إلى الطريقة التي ولد فيها ترشيحه إلى رئاسة الحكومة.

وتشير هذه المصادر إلى عدة سيناريوهات يتم التداول بها، في حال لم يتم إسقاط الاسم قبل الاثنين المقبل، الأول إنتظار ما ستقدم عليه القوى السياسية في هذا الإطار، خصوصاً أنها تبدو غير واثقة في خيارات بعضها البعض، وبالتالي التعامل مع ما قد يصدر في نهاية الإستشارات، أيّ العمل على إسقاط الخطيب في الشارع في حال الوصول إلى تسميته من قبل مختلف الأفرقاء، قبل الوصول إلى إعلان التشكيلة الوزاريّة التي يجري العمل عليها، أما في حال تولّت تلك القوى أو بعضها إحراق الاسم، فإنّ الضغط سيكون لتسمية شخصيّة تكون مقبولة من الشارع أولاً.

في خضمّ هذا البحث في سيناريوهات التعامل مع اسم الخطيب، هناك سؤال مركزي لا بد من الإجابة عليه، بحسب ما ترى المصادر نفسها، يتعلق بالقدرة على إسقاط اسم الحريري في حال العودة إلى التوافق عليه، لا سيما أن هناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد بأن كل ما يحصل هو لتمهيد الطريق نحو إعادة تكليفه من جديد، حيث ترى أنّ الشارع لا يملك القدرة على ذلك، نظراً إلى أنّ هكذا تفاهم سيكون محصّناً بشكل كبير محلياً ودولياً، وبالتالي سحب أوراق قوّة من يد الحراك الشعبي، الذي يستفيد بدوره من القدرات التي لدى بعض القوى السّياسية التي دخلت على خطّه، خصوصاً على مستوى عمليات قطع الطرق.

من وجهة نظر المصادر المتابعة، السيناريو الأخير سيقود إلى إعادة الحراك إلى المربع الأول، أي التركيز على العناوين الإقتصادية والإجتماعية، وبالتالي التعامل مع الوقائع على أساس الملف إذا ما نجح في الحفاظ على زخمه، ما يعني أن المواجهة الأولى التي سيخوضها ستكون حول أسماء الوزراء الذين ستتألف منهم الحكومة، أما الثانية فهي ستكون حول البيان الوزاري، الذي يرسم السياسات العامة لها، وهو الواقع الذي تدركه المجموعات الفاعلة التي باتت تتعامل على أساس ردة الفعل لا الفعل، نظراً إلى عدم قدرتها على بلورة برنامج عمل واضح تستطيع أن تحصل فيه على إجماع الشارع، لا سيما أنها لم تبادر إلى تشكيل قيادة موحدة قادرة على حسم المواقف، في ظل التباينات الواضحة التي تشي بأن ليس هناك من حراك واحد على أرض الواقع.

في المحصّلة، يبدو أن الأيام المقبلة ستكون كفيلة بإيضاح مجموعة من النقاط العالقة منذ السابع عشر من تشرين الأول الماضي، لناحية مواقف القوى السياسية الفعلية، وقدرة الحراك الشعبي على التعامل مع التطورات وقلبها في حال أراد ذلك، بعيداً عن رغبة بعض الجهات التي عملت على ركوب موجته.