اعتبرت صحيفة "​نيويورك تايمز​" الأميركية، أنه "لفهم سبب غضب اللبنانيين على الطبقة السياسية الحالية وخروجهم إلى الشارع للمطالبة برحيلها، يجب الرجوع إلى قضية أزمة ​النفايات​ التي هزت البلاد في وقت سابق، وأظهرت فساد ​الحكومة​"، مشيرة الى أن "عجز الحكومة عن توفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك ​الكهرباء​ وجمع النفايات على مدار ​الساعة​، متجذر في اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية قبل 30 عاما تقريبا. وقد قسم الاتفاق بين ​الطوائف​ الدينية الـ 18 المعترف بها في البلاد، وأضفى الطابع المؤسسي على ​الفساد​ بشكل فعال، إذ تمكنت كل مجموعة من توزيع الوظائف الحكومية والعقود والخدمات الاجتماعية على أتباعها".

ولفتت الى أن "كيل اللبنانيين طفح من نظام أثرى النخبة السياسية، وفشل في بناء ​اقتصاد​ مستقر أو توفير أساسيات ​الحياة​ مثل ​المياه​ أو حتى إدارة تصريف النفايات بشكل جيد. وخلال الأسابيع الستة الماضية، احتشد مئات آلاف من ​المحتجين​ في الشوارع، ورددوا هتافات "أعيدوا ​الأموال المنهوبة​". ورغم نجاحهم في أجبار رئيس الوزراء على الاستقالة، لكن أهدافهم أوسع، إنهم يطالبون بوضع حد للفساد وسوء الإدارة، فضلا عن المحسوبية الطائفية التي تمكنها".

ورأت أن "​أزمة النفايات​ الدائمة هي المثال الأكثر وضوحا في أزمة لبنان. وقد انفجرت آخر مرة في 2015، عندما تنازعت النخبة السياسية في البلاد على العقود المربحة لإدارة النفايات، بعدما امتلأت ​شوارع بيروت​ بالقمامة"، مذكرة أن "الحل المؤقت للمشكلة بدأ ببناء مكبي نفايات جديدين، ولكن بعد ثلاث سنوات من بنائهما بدا أن كل ما فعله هذا الحل هو نقل أزمة النفايات إلى الساحل فقط".

وأشارت الى أن "جهاد العرب شقيق أحد مساعدي رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري، حصل على أحد عقود تلك المكبات؛ ولكن وفقًا لثلاثة أشخاص على دراية بعمليات الشركة، كان يتم إضافة الماء إلى حاويات القمامة التي تصل كل يوم لتضخيم وزنها القابل للفوترة. أما العقد الآخر، الذي تبلغ قيمته 142 مليون ​دولار​، فقد ذهب إلى داني خوري، وهو رجل أعمال يقال إنه قريب من عائلة رئيس الجمهورية ميشال عون"، مبينة أنه "في المكب، وجد الخبراء أن الموظفين ألقوا القمامة والنفايات السامة مباشرة في البحر الأبيض المتوسط".

وأضافت: "أزمة لبنان والفساد لا تكمن فقط في إدارة النفايات ولا تنحصر في مجرد مجموعة أو أكثر من السياسيين. عندما أبتلع المنتجع السياحي المثير للجدل "إدين باي"، جزءًا من شاطئ بيروت العام، العام الماضي، لم يفاجأ الكثير من اللبنانيين عندما علموا أن المطور لهذا المشروع هو صهر سابق لرئيس مجلس النوال نبيه بري"، لافتة الى أن "السبب الرئيس وراء عدم إنتاج لبنان ما يكفي من الكهرباء لسكانه، البالغ عددهم 4 ملايين نسمة، هو اللوبي القوي لأصحاب المولدات ومن أبرز مستوردي الوقود، شركة "كوجيكو" للنفط، المملوكة من قبل رئيس"الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط".

وأكدت أن "المشكلة في لبنان لا تقتصر على النفايات ولا على قلة من السياسيين. فعندما ضغط رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، على شراء الكهرباء الإضافية من تركيا، سأل بعض المسؤولين عن السبب في أن الحكومة تنفق مئات الملايين من الدولارات لإستئجار مراكب تركية في عمليات توليد الكهرباء بدلاً من بناء محطاتها الخاصة. عندئذ قال بعض السياسيين إن مسؤولًا حكوميًا حصل على ملايين الدولارات كرشوة لتسهيل تلك الصفقة، لكنهم لم يحددوا هوية الشخص علنًا"، مذكرة أن "لبنان يحصل على مليارات من المعونات من جهات مثل البنك الدولي والدول الأوروبية والجهات المانحة الدولية الأخرى لإعادة الإعمار والتنمية بعد الحرب الأهلية".