هل تولد ​الحكومة​ الجديدة قبل ​الميلاد​ وتكون عيدية ثمينة ل​لبنان​يين يعلقون عليها الأمل في اخراجهم من مآزقهم الاقتصادية والمعيشية وتمسك ببلدهم إلى بر الأمان، أم ان تحديد موعد ​الاستشارات النيابية​ الملزمة سيكون شيء وتأليف الحكومة شيء آخر؟

إذا أخذنا بالسيناريو الذي وضعته القوى السياسية المعنية بعد جولات من التفاوض والأخذ والرد فإنه يفترض ان يكون ​تشكيل الحكومة​ في وقت قريب جداً، حيث ان الجميع يعلم ان التأخير في موعد الاستشارات حصل نتيجة رغبة أفرقاء سياسيين بأن تتم عملية ولادة الحكومة من ضمن سلّة واحدة أي التكليف ومعه التأليف، اما إذا فشل هذا السيناريو لأي سبب من الأسباب فإننا سنكون أمام مشهد آخر من الصعب التكهن بنتائجه.

صحيح ان ​الساعات​ الماضية شهدت ضخ الكثير من الموجات التفاؤلية كان البارز من بينها تحديد ​رئيس الجمهورية​ موعد الاستشارات والذي وصفه مصدر وزاري سابق بأنه مفخخ لناحية وضع مواعيد ​الكتل النيابية​ الكبيرة في فترة بعد الظهر بعد ان تكون كتلة «المستقبل» برئاسة الرئيس ​سعد الحريري​ قد ادلت بدلوها في شأن تسمية الرئيس المكلف، وبذلك تكون الكتل الموالية أي تكتل «لبنان القوي» و«التنمية والتحرير» قد امسكت بزمام الموقف بحيث إذا حصلت مفاجأة ما من قِبل الرئيس الحريري يُصار في فترة بعد الظهر إلى تصويب الموقف لمصلحة الكتل الموالية، الا ان المعلومات والمعطيات تصب في خانة التأكيد بأن العقد ما تزال قائمة وان ​الضوء​ الأخضر الدولي للولوج في عملية التأليف لم يأتِ بعد، لا بل إن التطورات في المنطقة ليست في الإطار الإيجابي في ما خص ​الأزمة​ الحكومية بل السلبي، وأكثر من ذلك فإن مواقف خارجية تصدر حول لبنان تؤكد بأن الوضع في لبنان هو جزء من الصراع في المنطقة وان حل أزماته لا يكون من خلال السيناريو الموضوع حالياً والذي يبدأ بالاستشارات الاثنين المقبل.

ويعطي المصدر الوزاري السابق مثالاً على ذلك اعتبار رئيس وزراء ​إسرائيل​ بنيامين نتنياهو ان ​احتجاجات​ ​العراق​ ولبنان و​إيران​ فرصة كبيرة علينا استغلالها لتعزيز الضغط على إيران، وكذلك هو الحال بالنسبة للموقف الأميركي حيال أزمات المنطقة ومن بينها لبنان.

وفي رأي المصدر انه ما من حكومة ان كانت مؤلفة من ملائكة أو شياطين أو من خبراء اختصاصيين أو سياسيين تستطيع ان تنقذ الوضع في لبنان على أي مستوى من المستويات السياسية والاقتصادية والمالية ما لم تكن حائزة على ثقة ​المجتمع الدولي​، لأننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى لمساعدة ​الدول المانحة​ و​العالم العربي​ بعد ان وصل لبنان إلى عتبة الانزلاق نحو الهاوية.

ولفت المصدر إلى ان البعض ممن اشتغل على خط التفاوض حاول الوصول إلى تسوية حكومية على غرار ​التسوية الرئاسية​، الا ان ذلك لم يكن ممكناً بفعل غياب العوامل الداخلية والخارجية التي يجب توافرها لأجل ذلك، وإذ توقع حصول شيء ما من الآن حتى الاثنين موعد الاستشارات من دون تحديد ماهيته، فإنه لم يستبعد حصول تحرك للقيادات السياسية السنيّة قريباً جداً حول موضوع الحكومة وما يجري من إبتداع لصيغ غير مألوفة في ما خص التكليف والتأليف، وان هذا التحرّك ربما يكون له اثره الذي ربما يقلب الطاولة ويعيد الأمور الى المربع الأوّل، خصوصاً وان الحراك يتحضر للتحرك في الشارع قبل وخلال الاستشارات اعتراضاً على الذي حصل لجهة التفاهمات على التأليف قبل التكليف والذي يعتبرونه مخالفة دستورية، وهذا يعني ان ما من أحد يضمن ان تبقى طريق الاستشارات سالكة إلى حين انطلاقتها..

وبغض النظر عمّا يُمكن ان يظهر من تحركات وحراك قبل موعد الاستشارات فإن مجرّد تحديد موعد هذه الاستشارات في رأي المصدر قد فتح ثغرة في الجدار الحكومي، وان ​الاتصالات​ والمشاورات تتركز على الخروج بتوليفة حكومية ترضي مختلف الأفرقاء السياسيين والشارع ومعه المجتمع الدولي وقد تكون قادرة على مقاربة المستجدات التي طرأت منذ السابع عشر من تشرين الأوّل الماضي، وان الثابت في هذه التوليفة هو انها ستكون مؤلفة من 24 وزيراً ستة وزراء دولة يمثلون أفرقاء سياسيين و18 وزيراً يحملون الحقائب الموجودة وعددها 22 حقيبة، وسيكونون وزراء تكنوقراط ومن الحراك.

ويتعاطى المصدر بحذر رغم كل ما يشاع عن ان عجلة التأليف انطلقت، وهو خائف من ان يتكرر مع الاستشارات ما حصل خلال الجلسة العامة ل​مجلس النواب​ حيث نجح الحراك في قطع الطريق على النواب وحال دون وصولهم إلى مجلس النواب مع الإشارة إلى ان البعض ممن يعتبر منضوياً تحت لواء الحراك ألمح إلى التحضير إلى يوم الغضب وانه حدّد موعد ذلك يوم الأحد المقبل أي قبل يوم واحد من عملية الاستشارات النيابية في ​قصر بعبدا​.