لقد تمّ تحديد موعد للاستشارات يوم الإثنين، عظيم.

ولكن، في الانتظار، منذ أكثر من شهر، ماذا كنتم تفعلون؟

ماذا تفعلون وأنتم ترون مواطناً يشنق نفسه لأنه عجز عن إعطاء طفلته ألف ليرة ثمناً لـ"منقوشة"؟

أو مواطناً يطلق الرصاص على دماغه لأنه طُرِد من العمل.. وخسر القدرة على تأمين رغيف لعائلة حزينة؟

عفواً… بالتأكيد، أنتم تتمتعون بنهاراتكم ولياليكم...

وكثيرون منكم منشغلون بتحويل اموالهم.

ولا تحبّون أن نتوجَّه إليكم بالأسئلة المزعجة…

فاعذرونا... لكن ضميرنا المهني وواجبنا الوطني لا يسمحان لنا بالسكوت… لأن الساكت عن الظلم شيطان أخرس…

***

كل عمرها الحكومات في ​لبنان​ تستغرق أشهراً لتولد...

وفي ذروة الحروب، كانت تستقيل الحكومات وتصرِّف الأعمال على أحسن ما يرام… وتعطي الانطباع بأن البلد ماشي...

فلماذا هذا الاستهتار اليوم؟

ولماذا لا يجد الشعب أي مسؤول أو زعيم قربَه يواسيه؟

حتى أولئك الذين انتخبَهم ورفعَهم على الاكتاف في الانتخابات… "بالروح بالدم"...

***

لأن ​الدولة​، يا سادة، ما عاد فيها شيء يستحقّ أن تهتموا به... وقد أفرغتموها تماماً و"أحرقتم سماها"!

لأن المزاريب التي تدرّ ​الذهب​ عليكم نشّفت تماماً...

ولأن الشعب الذكي الواعي، الصارخ في الشارع، بات واعياً... وما عادت تنطلي عليه المناورات..

***

ما هَمُّ الجائعين الموجوعين اليائسين منكم ومن مواعيد استشاراتكم؟

مَن يصدِّق أنكم ستلبون طموحات الشعب المنتفض، فيما أنتم تفتشون عن طريقةٍ جديدة لتخديره؟

هل تعتقدون بأن ما تسمونه "تمثيل الحراك" بوزير أو اثنين أو أكثر يلبي الطموحات وينهي ​الانتفاضة​؟

ومَن قال لكم إن هذا الشخص أو ذاك يمثّل هذا الشعب المنتفض؟

من فضلكم تفهموا الآن ان إدارة الشأن العام ليست بالحصص وتوزيع المناصب وتوزير القادة…

وأما هذا الشعب الذكي الأصيل، فكل واحدٍ منه هو القائد...

***

هذا الشعب، قائده هو الجوع والوجع و​الضرائب

وقائدُه هو رفض الهدر والحرمان

وهذا الشعب، يا جماعة، لم يختَر له قائداً…

قيادته الحقيقية هي مطالبه وحقّه في ​الحياة​ وإرادته للانتصار..

إن ​حكومة​ استفزاز ستعني حتماً الانفجار

الانفجار في الداخل والانفجار مع المجتمع الدولي…

فهل ستتحملون ذلك؟

***

لنعد إلى الجوهر، ولنقلها بصراحة…

الشعب يعرف أنكم "تَحورون وتَدورون" لتهربوا من المطلب الحقيقي…

وهذا المطلب معروف ويختصر كل شيء: حكومة يمكنها بشخص رئيسها إستعادة ​الأموال المنهوبة​..

وهذا ​الشعب اللبناني​ ذكي جداً. وهو قد لا يعرف تحديداً مَن يستطيع أن يعيد هذه الأموال، لكنه بالتأكيد يعرف من لا يستطيع ذلك… أو لا يريد!

فاختصروا الطريق…

ومرّة أخرى نقولها: هناك 15 شخصاً أو 20 يعنيهم هذا الكلام أكثر من غيرهم…

فتفضلوا وقوموا بواجباتكم سريعاً، وبلا ضجيج… والباقي يصبح قابلاً للبحث..

***

إذا جرت الاستشارات يوم الاثنين، سيصعد الرئيس ​سعد الحريري​ إلى ​قصر بعبدا​، ويسمّي سمير الخطيب… بكل سرور.

وسيضحك الحريري في سرّه ويقول: "لا زالت الأفراح في دياركم عامرة"...

دولة الرئيس الحريري يعرف أن الآتي إلى السراي ستحرقه أزمة الافلاس…

وبعد ذلك ربما، سينادونه تعالَ خلّصنا انت الـ favori.

***

ولكن، مقابل أحلام أهل السلطة… الشعب غارق في زمانه الأسْوَد…

وحتى قرشُه الأبيض الذي خبأه ليومه الأسوَد أين هو؟

لقد ابتلعه سمك "القرش" الأسود،

"القرش" الذي ابتلع قروش الدولة ودولاراتها منذ 30 عاماً...

وحتى الفوائد المصرفية قرر حضرة الحاكم أقتطاعها بالتساوي من أرصدة حيتان ​المال​ ومن فِلس الأرملة…

تحيا العدالة...

***

نقولها لكم مجدداً… حذارِ الاستهتار بالشعب!

الشعب استفاق اليوم ولن يعود إلى ​النوم​..

الشعب اللبناني أشعل ثورته ولن تطفئوها بالترغيب أو الترهيب.

وتذكروا أن أحداً ليس أقوى من شخصٍ مستعدٍ لإحراق نفسه أو لشنق نفسه أو لإعدام نفسه بالرصاص…