علمت "​الجمهورية​" انّ الايام الاخيرة شهدت حركة دبلوماسية دولية وأوروبية على وجه التحديد، في اتجاه المستويات الرئاسية والوزارية والنيابية، تقاطعت عند إسداء نصيحة ​لبنان​ بالتوجّه فوراً نحو تشكيل حكومة إنقاذية لأزمته الاقتصادية الخطيرة.

وأشارت المعلومات الى أن هذه الحركة التي شارك فيها ايضاً مسؤولون أمميون، طرحت تساؤلات وقدّمت ملاحظات وتوضيحات، لافتة الى انه "خلافاً لما تم تداوله في لبنان، عبر بعض السياسيين ومحطات التلفزة، فإنّ ​الامم المتحدة​ لم تطرح في اي يوم من ايام الازمة اللبنانية الراهنة، تشكيل ​حكومة تكنوقراط​ في لبنان، فهي لم تتدخل في الشأن اللبناني الّا من باب النصح بالتعجيل في تشكيل حكومة ترتكز الى برنامج عمل يقارب الازمة بما تتطلبه من علاجات وإصلاحات"، مضيفة: "الامم المتحدة، وعلى رغم من مطالبة بعض اللبنانيين بتدخلها المباشر في الملف الحكومي اللبناني، ترى أنّ تشكيل حكومة في لبنان هو شأن اللبنانيين وحدهم، وهي في الوقت نفسه تشجّع اللبنانيين على تشكيل حكومة تأخذ في الاعتبار المطالبات الشعبية التي صدرت عن الحركات الاحتجاجية التي شهدها لبنان منذ 17 تشرين الاول 2019".

ولفتت الى أن "المجموعة الاوروبية تقف مع ​الحكومة​ التي يتفق ​اللبنانيون​ على تشكيلها، ولم تبلغ الى اي طرف في لبنان أنها مع حكومة تكنوقراط، علماً أنها لا ترى أي مانع من ان تُشكّل حكومة تكنو-سياسية في لبنان إذا كان اللبنانيون يعتبرونها الملائمة لمقاربة أزمتهم والتصدي لها، لكنها تضمّ صوتها الى أصوات اللبنانيين الذين يريدون حكومة يكون وزراؤها من الموثوقين ولا شبهة على أيّ منهم"، مؤكدة أن "لا نية لدى المجتمع الاوروبي للتدخل في الشأن الحكومي اللبناني، فهو لم يتدخل ولن يتدخل"، مشددة على أن "ثمة قرار نهائي لدى المجموعة الاوروبية بالالتزام بدعم لبنان، وتقديم ما يمكن ان يحفظ أمنه واستقراره، فهذا هو الهم الاساس بالنسبة الى الأوروبيين وتم إبلاغ هذا الامر الى جميع المسؤولين اللبنانيين. مع التشديد عليهم بأن يتفقوا في ما بينهم، والحفاظ على لبنان، وعدم ترك الامور تذهب الى صدام، خصوصاً انّ بعض الاحداث التي شهدتها بعض المناطق اللبنانية أثارت القلق لدى المجموعة الاوروبية، وثمة رسائل بهذا المعنى وجّهت الى المسؤولين اللبنانيين الكبار".

وأكدت المعلومات أن "طرح بعض السفراء الغربيين سؤالاً مباشراً: هل انّ ​سعد الحريري​ قرر نهائياً عدم ترؤس الحكومة ​الجديدة​ في لبنان؟ وهل هو يتعرّض لضغوط ما تمنعه من ذلك؟ وهل سيستطيع المهندس ​سمير الخطيب​ ان يقود حكومة إنقاذية للأزمة اللبنانية؟"، مضيفة: "طرح بعض السفراء الاوروبيين تساؤلات حول موقف رؤساء الحكومات السابقين وإصرارهم على ترؤس الحريري الحكومة الجديدة، وما اذا كان هذا الاصرار يعبّر عن موقف الطائفة السنية عموماً بالاصرار على تسمية الحريري لرئاسة الحكومة؟ واستطراداً، هل سيسمّي تيار "المستقبل" غير الحريري لرئاسة الحكومة؟"، مشددة على أن "بعض السفراء أكد انه بمعزل عن الملف الحكومي، هل لدى اللبنانيين تصوّر حول سبل الخروج من ​الأزمة​ الراهنة؟ وهل يستطيع اللبنانيون، حتى لو تمكنوا من تشكيل حكومة، أن يخرجوا من أزمتهم من دون مساعدة المؤسسات الدولية، وتحديداً البنك الدولي؟ وهل لدى اللبنانيين وأمام استعصاء الازمة الاقتصادية والمالية في لبنان، الاستعداد لأن يأخذ البنك الدولي دوراً ما في لبنان، كما هي عليه الحال في دول أُخرى مرّت بأزمة مشابهة للأزمة اللبنانية؟".

وشددت المصادر على ان المواقف الدبلوماسية تقاطعت خلال حركة اللقاءات التي أجرتها اخيراً مع مستويات رئاسية ووزارية ونيابية لبنانية، عند تحذير لافت مفاده أنه "لأول مرة منذ سنوات طويلة، نشعر أنّ لبنان قد بدأ يقترب من حال الجوع، وعلى اللبنانيين ان يدركوا انّ الوضع الصعب الذي يمرّون به، قد لا يكون له اي معنى، امام الوضع الذي قد يصل لبنان اليه. بحيث انّ الصعوبة المتوقعة، في حال لم توضَع "المكابح" للأزمة من الآن، قد تحمل معها وجعاً شديداً للبنانيين وجوعاً اكبر لن يكون في إمكانهم ان يتحملوه، خصوصاً انّ هذا الجوع يشكّل المفتاح لدخول لبنان في حالة من الفوضى المتفلتة وغير المضبوطة، بحيث قد يشمل الانهيار ال​سياسة​ والاقتصاد والأمن أيضاً"، لافتة الى أن "المجموعة الاوروبية، ومن خلال التقارير التي تردها من ​بيروت​، متيقّنة من انّ كل الاطراف اللبنانية في الزاوية الضيقة، والوقت لم يعد يتّسع لأيّ تأخير مقصود او غير مقصود".

واضافت: "المجموعة الاوروبية تأمل في أن تُسفر استشارات الاثنين عن ايجابيات في التكليف، سواء أكان الرئيس الحريري شخصياً، والذي ننظر اليه كصديق، او غيره شرط ان يتفق اللبنانيون عليه. وبالتالي، فإنّ المجموعة الاوروبية تعوّل على ان يتم تأليف الحكومة في أسرع وقت، وتعوّل أيضاً على ان يدخل لبنان بعد تأليف الحكومة في مرحلة انتعاش، والتي نرى انها قد تتصاعد مع بدء التنقيب عن النفط في البحر اللبناني في شباط المقبل، يضاف الى ذلك انّ ثمة قراراً لدى ​المجتمع الدولي​ والاوروبي والمانحين، في تسريع إجراءات "سيدر" في ما لو شَكّل لبنان حكومة موثوقة من اللبنانيين، وتوحي بالثقة للخارج"، مشيرة الى أن "طرح بعض السفراء خلال حركة الاتصالات الدبلوماسية، أسئلة حول "حزب الله" وموقفه من الحكومة وعودة الحريري، وقال بعضهم صراحة ما حرفيّته: "نحن نسمع مواقف من قادة "حزب الله" عن تفضيلهم عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، لكننا في الوقت نفسه نسمع من بعض الاطراف اللبنانيين أنّ "حزب الله" يريد الفوضى في لبنان".