لفت مشاركون في مشاورات الساعات الأخيرة، لصحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "المشاورات ما زالت تدور في الحلقة ذاتها، وما زالت قاصرة على إحداث تبدّل نوعي في المواقف، بل انّ الأصح القول إنّ هذه المشاورات تعتريها صعوبة أكثر ممّا كانت عليه الأمور قبل تأجيل موعد ​الاستشارات النيابية​ إلى الإثنين المقبل، وبروز اسم رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​ كمرشح وحيد لهذا المنصب"، مؤكّدةً أنّ "تكليفه ​تشكيل الحكومة​ مضمون، في حال إجراء استشارات الإثنين".

وركّزوا على أنّ "الحريري، ومن موقع إدراكه أنّ لا بديل عنه في ​رئاسة الحكومة​ الجديدة، يبدو أنّه ترك أمر البَت بالأمور الأُخرى المتعلّقة بتأليف الحكومة إلى ما بعد استشارات التكليف، مع إصرار مُعلَن من قبله على مضيّه في تشكيل حكومة اختصاصيّين، وهو ما عاد وأكّد عليه بالأمس في بيان الشكر الّذي وجّهه لمجموعة الدعم الدولية، حيث شدّد على الإسراع بتأليف حكومة اختصاصيّين تشكّل فريق عمل متجانسًا وذات مصداقيّة، مؤهّل لتقديم إجابات عن تطلعات اللبنانيين بعد 17 تشرين الأول".

من جهتها، أبدت مصادر الجهات المشارِكة في حركة المشاورات، نوعًا من التفهّم لرغبة الحريري في تأجيل البتّ بالأمور المتعلّقة بتأليف الحكومة إلى ما بعد التكليف، "ربّما لأنّه يحاول تجنّب تسجيل مآخذ عليه من قبل فريق السياسيّين الّذين اعترَضوا قبل أيام قليلة على ما سمّوه التأليف قبل التكليف". ونوّهت إلى أنّ "الحريري نفسه كان شريكًا أساسيًّا في تلك المشاورات، الّتي دارت قبل أسابيع أثناء طرح مجموعة الأسماء البديلة له لرئاسة الحكومة، قبل أن يتمّ حرقها جميعها".

وعبّرت عن خشيتها من أن "ينتقل البلد بعد استشارات الإثنين من مرحلة "تسهيل التكليف" إلى مرحلة "تصعيب التأليف"، خصوصًا أنّ صفحة خلافيّة حادّة وواحدة هي الّتي قد تعترض مسار التأليف وتضعه في دائرة الاحتمالات السلبيّة والتأخيريّة له لفترة غير محدودة، وهذه الصفحة من شقَّين:

- الأوّل يتعلّق بشكل الحكومة، الّتي ما يزال الحريري يصرّ على تشكيلة اختصاصيّة لا سياسيّة، وهو الأمر الّذي يلقى اعتراضًا واضحًا من قبل المكوّنات السياسيّة الأُخرى وفي مقدّمها "​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، إضافة إلى "​التيار الوطني الحر​" ومن خلفه رئيس الجمهورية ​ميشال عون​.

- الثاني، كيفيّة تمثيل "التيار الوطني" في الحكومة الجديدة، مع إصرار غير مخفي من قِبل الحريري على استبعاد رئيس "التيار" وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ عن هذه الحكومة. وهو الأمر الّذي لا يستفزّ فقط باسيل و"التيار"، بل يستفزّ رئيس الجمهورية، الّذي يؤكّد العارفون أنّه لا يمكن أن يقبل بأن تتمّ التضحية برئيس تيار سياسي وبرئيس أكبر كتلة نيابية، هكذا بشحطة قلم وتبعًا لمزاجيّات بعض السياسيّين.

وأكّدت المصادر أنّ "مرحلة التأليف أمام معركة صعبة، بدأت نذرها تطلّ من الآن، سواء عبر التسريبات عن موقف الحريري، أو عبر التلويح من قبل "التيار" بعزوفه عن المشاركة في الحكومة والانتقال الى المعارضة"، مشيرةً إلى أنّ "العقدة الأساس الماثلة في طريق الحل الحكومي كامنة في معادلة: الحريري- باسيل، بحيث أنّ الحريري لا يريد باسيل من جهة، مقابل أنّ منطق "التيار" متمسّك بثابتة أساسيّة لديه: إمّا الاثنان معًا في الحكومة وإمّا الاثنان خارجها".

كما شدّدت على أنّ "المعركة السياسيّة محتدمة بينهما، يطيب لبعض الجهات السياسيّين أن يصفها بـ"معركة تكسير رؤوس"، فيما يصفها البعض الآخر بأنّها معركة "لَيّ أذرعة"، إلّا أنّها بمعزل عن الوصفَين تُضفي على الواقع الداخلي مزيدًا من عناصر التشنّج، الّتي من شأنها أن تعمّق الأزمة القائمة أكثر وتزيد الأمور تعقيدًا؛ والوضع العام اهتراءًا متزايدًا على كلّ المستويات السياسيّة والاقتصاديّة والماليّة".