سلطان الرب لا ينفصل عن مشيئته.

هو سلطان عدل وتدبير عادل ومحب. إنها المحبّة القصوى والخدمة والتضحية والفداء.

هو ليس من هذه الأرض. هو ليس من ميراث بشري، فهو سلطان الذي جبل الإنسان ونفخ فيه نسمة ​الحياة​.

هو ليس من حربٍ وفتوحات، بل هو سلطان ملك ​السلام​ وباعثه وداحض قوّة الشياطين والأبالسة التي لا قوّة لها.

هو سلطان ليس بأبواق الخوف والضجيج وهتافات الغزو، بل بصرخة سلام وهدوء وطمأنينة تُسكِت هيجان العواصف والرياح، وتهدئ لطمات الأمواج وهيجان البحار.

هو سلطان لا يجلب معه ​الأمراض​ والأوبئة بل سلطان شافٍ من الأمراض والأسقام.

هو سلطان لا يجلب الموت والدمار بل القيامة والحياة الآبديّة.

هو سلطان ليس له مدّة زمنيّة بل يمتد إلى آبد الآبدين.

لقد صعب على الكثيرين إدراك مفهوم هذا السلطان إذ دنوا منه بمفاهيم بشريّة وترابيّة ودهريّة صرف: «فَتَعَجَّبَ النَّاسُ قَائِلِينَ: «أَيُّ إِنْسَانٍ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ جَمِيعًا تُطِيعُهُ!»(مت ٢٧:٨).

اليهود​ اعتبروا المسيّا الآتي من ​بيت لحم​ بداية مملكة داوديّة جديدة، مملكة ماديّة زمنيّة.

أرادوه سلطانًا على مقياسهم الزائل، يبيد الأعداء ويخضع الشعوب، فتعثّروا بسلطان المسامحة والغفران والتواضع والخدمة، فنادوا بصلبه.

فكيف لهم أن يقبلوا بنظرهم المتعالي سلطانًا يشفي الأمراض ويغفر الخطايا، ويردّ البرص إلى الهيكل، ويشفي المشلولين في السبت، ويشفي ​المرأة​ النازفة، ويعيد البصر للعميان، ويدحرج حجر قبر لعازر الرباعيّ الأيام بعد أن أنتن ليكشف موتهم بكبريائهم؟ كيف يقبلون سلطانًا يوبخّ الفريسييّن والصدوقيّين والكتبة على ريائهم، ويَهدي العشّارين وجابي ​الضرائب​، ويجعل من الصيادين معلّمين ورعاة نفوس؟ ويعلن بيت الله بيت صلاة لكل الأمم؟.

هذا يجعلنا نقف ونتأمل ما قاله متى الإنجيليّ: «كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ.»(متى٢٩:٧).