اشار المفتي ​الشيخ أحمد قبلان​ إلى أن ما نعيشه وسط دعاية ممنهجة، ومدروسة، وظيفتها إرهابنا وتطويعنا على قاعدة الاستسلام السياسي، أو التجويع. خاصة أن من يقود مشروع تطويق البلد وبيئته ​المقاومة​ استفاد من لمّ مال الناس وجمعه بيد ​المصارف​، ثم منع ​المال​ عن الناس والمؤسسات والكيانات المختلفة، ما يعني قطع البلد عن الخارج، وتهديد البلد بالإفلاس والجوع، ومنع ​الدواء​، على قاعدة "بدنا تكنوقراط بشروطنا"، فضلاً عن التهديد بأزمة أكبر أو توطين مليون شخص، كل ذلك وسط انهيارات متتالية بمالية البلد، ووضع الناس المعيشي، فضلاً عن انحسار دور ​الدولة​ وتراجع حضورها بشكل مثير"... موجهاً كلامه "للحراك المطلبي ولإخوة يوسف السياسيين، ممن تحوّلوا من متهمين طراز أول ب​الفساد​ إلى رواد إصلاح وصفات عابرة للدول الشريكة أصلاً بأزمة البلد وملفاته، نقول لهم: انتبهوا جيداً لأن البلد في القعر، ووضعه كارثي حقاً، وأي ضغط غير مدروس يعني نهاية الدولة، ودخول البلد لحظة فوضى تاريخية".

واعتبر سماحته خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين(ع) في ​برج البراجنة​، أننا "أمام أزمات كبرى، والبلد داخل الأنفاق المظلمة، اقتصادياً ومعيشياً ومالياً، لا مازوت ولا طحين ولا دواء ولا كهرباء ولا بنى تحتية، حتى إذا أمطرت طافت الطرقات ودخلت ​المياه​ إلى منازل الناس. الواقع خطير جداً ولم تعد تنفع معه كل المسكنات والترقيعات السياسية؛ فالتحدي الكبير، يفرض على هذه ​السلطة​ أن تدرك بأن التسويف والمماطلة و​سياسة​ الكيد والنكد وتقاذف المسؤوليات واستغلال الناس بالتكاذب والوعود الفارغة وصراع المصالح قد سقط أمام جوع الناس وآلامهم وصرخاتهم المعبّرة والمحقّة والتي لم تعد تسمح بعودة عقارب ​الساعة​ إلى الوراء، وتفرض على الجميع الإصغاء إلى صوت العقل والمنطق والحق الذي يقول اللعبة انتهت، والواجب الوطني والأخلاقي والقيمي والإنساني يستدعي الإسراع بتأليف ​حكومة​ فاعلة وكفوءة، بعيدة عن الاصطفافات الطائفية وخارج إطار ​المحاصصة​ وحساب المصالح، حكومة تلبي الطموحات وتحاكي قضايا الناس، وتكون قادرة على إيقاف هذا الانهيار، وإعادة استنهاض البلد، وفق برامج ورؤى اقتصادية وإنمائية شفافة ومنتجة، تستعيد ثقة الناس، وتكافح الفساد وتحاكم المفسدين، وتسترد المال المنهوب، من خلال سلطة قضائية مستقلة غير خاضعة أو مرتهنة للإملاءات السياسية".

ودعا سماحته الجميع إلى تقديم التنازلات والتسهيلات والتضحية بكل المصالح والمنافع الآنية والخاصة، من أجل مصلحة هذا البلد، وبناء الدولة والمؤسسات التي يستحقها هذا الشعب، الذي صبر كثيراً، وتحمّل كثيراً جرّاء السياسات الاقتصادية العقيمة، وثقافة المحاصصات التي عطّلت الدولة وسببت كل هذا الفساد. مؤكّداً على ضرورة مواجهة هذه السلطة، لكن بالآليات التي تضمن مشروع الدولة، وتفرّق بين ​الفاسد​ والصالح، والمقاوم والخائن، وبين من تعمل بعض الأقنعة الدولية والإقليمية على تعويمه بخلفيات تتعارض بشدة مع البلد ومصالحه الوطنية. ما يعني أن على الحراك إنقاذ نفسه من جماعة تطويب الأوطان والارتزاق ببيع البلد والتطبيع مع الإسرائيلي وترويع الناس أو الاستسلام.

وطالب المفتي قبلان "الشارع حماية مشروع الدولة من السلطة الفاسدة، وفي نفس الوقت من لعبة التوظيف السياسي لجماعة تاريخها أسود، وسياساتها أكثر فساداً ونهباً، خاصة أننا نشهد لعبة ساحات وأقنعة وحراكات مشبوهة، وخيم وظيفتها التطبيع مع الإسرائيلي، فيما ساحات أخرى عينها على تقسيم البلد ورفع الدشم من جديد".