لا شكَّ أَنَّ حال الإِعلام في ​لبنان​ اليوم، هي من الحال العامَّة المعيُوشة في البلد، وبالتَّالي فالدِّقَّة الَّتي علينا التَّعاطي من خلالها مع كلِّ المواضيع المطروحة وفي كلِّ المجالات... تنسحب أَيضًا على تعاطينا في ملفِّ الإِعلام. وقد بات على إِعلامنا اليوم، أَنْ ينقل الحقيقة كما هي، وأَلاَّ يُبالغ فيها، وأَنْ يحدَّ من الحقن الطَّائفيِّ الموجود، ومن التَّشنُّجات ويبثَّ الخبر المُفرح وبخاصَّةٍ في زمن ​الميلاد​ المجيد!...

كما وعلينا إِبعاد كأْس اليأْس عن النَّاس، من شعبنا المقهور... فالشَّعبشبع قهرًا، وتعب، فوصل إِلى مرحلة القرف، وكم هو في حاجةٍ الآن إِلى "الإِعلام الإِيجابيِّ"، الباعث إِلى التَّطوُّر والازدهار!.

واجبٌ إعلاميٌّ

إِنَّ من واجب الإِعلام اليوم، البحث عن سُبُلٍ مِن شأْنها تحويل نتاجهإِلى نتاجٍإِيجابيٍّ، يُساهم في انسحاب الإِيجابيَّة على مختلف القضايا، وعدم الوقوف عند عتبة الإِضاءة فقط على السَّلبيَّات والأَزمات ومطالب الشّارع وتداعيَّاتها...

لقد أَضحَينا نرى جزءًا كبيرًا من نشرات الأَخبار والبرامج السِّياسيَّة، العابقة حصرًا بأَخبار العُنف والكراهية والشَّتيمة وقلَّة الحياء... ما يُؤَدَّي إِلى بثِّ اليَأْس داخل المجتمع، وبالتّالي يقضي على أَيِّ فُسحةٍ من الأَمل.

ومن شَأْن ضخِّ الإِيجابيَّة في الإِعلامتحفيزه على العودة إِلى الموضوعيَّة، حيث إِنَّإِعلام اليوم، مُنغمسٌ في الدِّفاع عن السِّياسيِّين أَو عن حراك الشَّارع، فيما المطلوبأن يعود الإِعلام إِيجابيًّاجامعًالا مُتحيِّزًا.

وكذلك يحتاج إِعلامنا إِلى التَّحرُّر من شيطنة ثالوث الابتذال والإِشاعة والتَّسطيح، بقدر حاجة المُتلقِّي إِلى الموضوعيَّة والنَّاس في ما بينهم إِلى التَّواصل الإِيجابيِّ...

الأَخبار الحُلوة

وتُعزّز الأَخبار الحُلوة عامل الرَّاحة النَّفسيَّة لدى المُتلقِّي، لتُشكِّل مُتَنفَّسًا يحدُّ مِن مفعول "الحَقْن" السَّلبيِّ. لذا ينبغي أَلاَّ نتردَّد إِعلاميًّا في إِبراز الأَخبار الحُلوة، كما نفعل تلقائِيًّا في ما يتعلَّق بالشَّتيمة واللُّغة السُّوقيَّة وغير المُحترِمة للنَّاس (أَثناء فترات النَّقل التِّلفزيونيِّ المُباشر لنبض الشَّارع والتَّحرُّكات المطلبيَّة)... مشاهد سامَّةٌ خُلقيًّا، تقتحم بيوتنا، بطبيعة الحال، ومن دون استئذانٍ!.

لقد نشر موقعٌ إِلكترونيٌّ عربيٌّ، الأُسبوع الماضي، خبرًاعن عائلة المُحامي اليَهوديِّ كلود كاسل، وزوجته المسيحيَّة أَنوشكا لورين، المُقيمَيْن في ​باريس​. إِنَّها عائلةٌ تحتفل برُبع قرنٍ، مِن السَّعي إِلى نشر التَّسامح في مُحيطها، والدِّفاع عن المقهورين في الأَرض...

ربع قرنٍ من النِّضالفي إِطار المُؤَسَّسة الزَّوجيَّة: الزَّوج محامٍ، يُدافع من خلال مهنته عن المقهورين... وقد عمل الزَّوجان معًا، جاهدَيْن لترسيخ التَّسامح في مُحيطهما".هي عائلةٌ لم نأتِ بها من المرِّيخ، بل إِنَّها نموذجٌ يُحتذى من صلب الواقع.

لن أُعلِّق على أَنْ لا وسيلة إِعلامٍ محليَّةً نشرت هذا "الخبر الحُلو"، ولكن لو بحثنا في لبنان عن نماذج شبيهةٍ لعائلة كاسل، فإِنَّنا سنجدها حتمًا!. لماذا إِذًا نُحجم عن نشر الأَخبار الحُلوة عندنا في وسائِل إِعلامنا؟.

إِنَّنا مدعوُّون –كإِعلاميِّين- إِلى أَنْ نتفكَّر معًا في ما تؤول إِليه الأُمور في إِعلامنا، وفي وجوب العناية بنشر الأَخبار الحُلوة. فصحيحٌ أَنَّ الحياة–وللأَسف- ليست زهريَّةً، ولكنَّ ذلك لا يُعفينا من واجب البحثِ عن الخير أَيضًا، كما وإِنَّنا مدعوُّون أَيضًا إِلى عيش حياة القداسة، وإِلى أَنْ نبرز في مجتمعنا المثال المُحتذى به، فيعرف إِذَّاك كلٌّ منَّا دوره في المُجتمع!.