لفتت أوساط دبلوماسيّة مطّلعة، لصحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "الموقف الأميركي اتّضحَت معالمه أكثر فأكثر، وهو ينطلق من الآتي: أوّلًا، إذا كان التعامل مع ​الحكومة​ السابقة المستقيلة يرتكز على مقاطعة وزراء "​حزب الله​" في الحكومة، فإنّ الموقف الجديد بعد ​الانتفاضة​ سيُتَرجم بمقاطعة أي حكومة يشارك فيها "حزب الله"، ويكون له فيها القدرة على مصادرة القرار، وقد أصبح المعنيّون في ​بيروت​ في أجواء هذا التوجّه قبل أن تحطّ طائرة اموفد الأميركي ​ديفيد هيل​ في ​مطار بيروت الدولي​".

وأوضحت أنّ "ثانيًا، يدور نقاش مستمر في أروقة ​الإدارة الأميركية​ و​الكونغرس الأميركي​ على هامش الموقف القاطع الرافض لمشاركة "حزب الله" في الحكومة الجديدة، حول جدوى الاستمرار في تقديم المساعدات للمؤسسة العسكرية، ففي الكونغرس تتمّ الموافقة أو الرفض لتجديد المساعدة للجيش ال​لبنان​ي، وقد رافق قرار تجميد المساعدة من ثمّ الافراج عنها، جَدل حول جدواها، في ظلّ استمرار السلطة اللبنانية في الضغط على الجيش بوسائل مشروعة وغير مشروعة، لإقحامه في قمع التظاهر السلمي".

وذكرت الأوساط أنّه "تَصِل إلى الإدارة الأميركية معلومات عن تدخّل من وزير الدفاع الوطني ومن دوائر رسميّة في عمل الجيش، إلى درجة محاولة تجاوز قيادته الّتي يُنظَر إلى أدائها بإيجابيّة، كما ينظر إلى حرصها على أن تكون بمنأى عن سَعي السلطة لاستعمال العنف"، مشيرةً إلى أنّ "كلّ من يُمارس هذا التدخل سيكون معرّضًا للعقوبات، وسيتحمّل مسؤوليّة استعمال العنف ضدّ المتظاهرين".

وبيّنت أنّ "ثالثًا، تتراوح التقديرات داخل الإدارة الأميركية لحقيقة الوضع في لبنان بين اتجاه يعبّر عنه نواب أميركيون كثر في الكونغرس من الحزبَين الجمهوري والديمقراطي، يعتبر أنّ لبنان وَصل إلى حدّ أن يكون حالة ميؤوسًا منها، أو حسب التعبير الرسمي تحوّل دولة فاشلة، وبين إدارة الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ الّتي ما زالت تعتبر أنّه يمكن الحفاظ على استقرار لبنان واستعادة الدولة فيه، من خلال كفّ يدّ ​إيران​ و"حزب الله" الذي يسيطر حالياً على قراره، وبين وزارة الخارجية الّتي يتنازعها رأيان: الأوّل جذري والثاني سوف يعبّر عنه هيل بطريقته الدبلوماسيّة ولكن القاطعة، وهو تبليغ الجميع بأنّ استمرار سيطرة "حزب الله" على الحكومة الجديدة سيكون مدخلًا لمقاطعتها كحكومة، وليس فقط مقاطعة وزراء "الحزب". كما أنّ هذا التبليغ سيشمل التنبيه من أنّ أي محاولة تَذاكي لتمويه هوية أي وزير وارتباطه بالحزب لن تمرّ أيضًا، وبالتالي المطلوب حكومة مستقلّة عن القوى السياسيّة تقوم بخطة إنقاذ اقتصادي، ولا تغطّي سلاح "حزب الله".