انه الجنون أو العبثية أينما كان...

فيما الثوار ينتظرون استيقاظ النائمين من بقايا ​السلطة​ على أوجاعهم، يتسلّل الى الساحات متسلّقون ومخرَبون محاولين فرض مطالب أو شروط من أرسلوهم على طاولة التفاوض... وإلاّ كيف نفهم ما جرى على مدى ليالٍ متتالية في شوارع وأزقة ​بيروت​ وحالة الهلع ثم الحسم المبالغ به.

شبّه البعض ما جرى بفصول من الحرب الأهلية مع خوف كبير في ان نكون قد دخلنا من جديد فيها.. وعادت المشاهد التي تابعناها من بيوتنا لتذكّرنا بحروب الخنادق و​الفنادق​ التي دمرت وقتلت وهجّرت.

هل وقف أحد وصارح الناس وقال للناس ماذا يجري؟

حتى في حكومات ​تصريف الأعمال​ هناك مسؤولون يتحركون... نحن نقف أمام بلد يحترق مكتوفي الايدي...

نقف أمام مدينة دمرناها فعمرناها فنعود لندمرها من جديد بفضل انانية وسخافة بعض السياسيين الفاسدين لدينا.

قبل أسبوع من ​الميلاد​ المجيد... يحل الظلام والسواد على مدينة ما كانت تنام... تحلّ العتمة في المحلات التجارية التي تقفل الواحد تلو الآخر من جراء سياسات اقتصادية رعناء أوصلت البلد الى ما وصلنا اليه ومن جراء استمرار المسؤولين في صَد أصوات الناس ورفض سماعها....

الانكى من ذلك... وإضافة الى جنون لا بل عبثية حروب الشوارع في بيروت... حروب النكايات التي تحكم مسار العلاقات بين من نصّبوا انفسهم مسؤولين علينا...

بعد... شهر بالتمام على ​الثورة​ واستقالة ​الحكومة​... تتأجل الاستشارات ثلاث مرات لتكلف رئيس حكومة جديداً...

يبدو المشهد سورياليا كيف تم التلاعب بالناس وبالشارع وبالمطروحة اسماؤهم لخلافة ​سعد الحريري​... فقط من أجل ان يعود سعد الحريري... وعندما حسم سعد الحريري أمره معتبرا ان التكليف صار باليد حتى ولو ان ​التيار الوطني الحر​ خارج الحكومة جاءه بيان الفجر من ​القوات اللبنانية​ ليضرب شرعية أو ميثاقية تكليفه مسيحياً...

تراجع الحريري خطوات الى الوراء.. وطلب تأجيل الاستشارات وتأكد ان لا حليف مسيحياً الى جانبه... في الحكومة وخارجها.

ما العمل بعد الآن؟ مزيد من الضياع والفوضى والقلق والخوف لدى الناس ولدى ​المجتمع الدولي​ الذي يراقب كل ​تفاصيل​ السقوط شبه النهائي لجمهورية يحكمها العاجزون اينما كانوا وصارت تنطبق عليها معايير ​الدولة​ الفاشلة.

نعم دولة فاشلة غير قادرة على شيء... ينخرها ​الفساد​ ويسرقها من يديرونها من سماسرتهم ومتعهديهم وازلامهم.

ويأتي بيان مجموعة الدعم للبنان ليكتب ​البيان الوزاري​ للحكومة على اساس انها يجب ان تشكل... لكن حسابات الحقل الدولي لن تتطابق مع حسابات البيدر اللبناني الغارق بالوحول وبالمحاصصات وكأن لا ثورة ولا ثوار ولا ناس جائعة ولا مظلومة ولا بائسة.

تأجلت الاستشارات لان سعد الحريري كان ضامنا عودته على جواد أبيض فإذا بتعداد الاصوات يأتي ضعيفاً هشاً ركيكاً... طلب التأجيل لمزيد من التشاور...

أي تشاور بعد؟ أي انتظار بعد؟ أي اتصالات بعد والبلد يغرق بالفوضى والعبثية والجنون و​الفقر​ ولا شيء يبشر بالفرج...

ما يعرفه الناس ما يعرفه الثوار.. ان أداء من يحكمونهم لم يتغير... وكأن المطلوب بضع موجات مياه آسنة تجرفهم من قصورهم التي كدسوا فيها الاموال التي استطاعوا سحبها من بعض ​المصارف​ التي تتشارك معهم بعض التشبيح.

جنون... لن يأتي بحكومة في المدى المنظور... حتى ولو كُلّف سعد الحريري أو طلب من غيره ان يُكلّف... الشروط والشروط المضادة ستؤخر ولادة حكومة تدير بلدا يكون قد انهار...

استيقظوا قبل فوات الاوان.