قبل 24 ساعة من الموعد الجديد للإستشارات النيابية الملزمة، بعد تأجيلين بناء على طلب رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​سعد الحريري​، تُطرح الكثير من السيناريوهات والأسئلة حول ما إذا كانت الثالثة ستكون ثابتة هذه المرة، في ظلّ الأجواء التي تؤكد بأن ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ حاسم بأنّ هذا هو الموعد النهائي، للخروج من لعبة المناورات القائمة على أكثر من صعيد.

في هذا السياق، يمكن الحديث عن 3 سيناريوهات أساسية لمسار الموعد الجديد، بحسب ما ترى مصادر سياسية مطلعة عبر "​النشرة​"، نظراً إلى أن الصورة لم تتضح بعد، لا سيما بعد السجال المفتوح بين "​تيار المستقبل​" وكل من "​التيار الوطني الحر​" و"​حزب القوات اللبنانية​"، مع العلم أنّ أحد الأسباب التي قدّمها الحريري لطلب التأجيل هو عدم تسميته من قبل "التيار" أو "القوات"، وبالتالي غياب التغطية المسيحيّة التي تؤمّن ميثاقيّة التأليف المنتظر.

السيناريو الأول، يقوم على قاعدة عدم تغير المعطيات التي رافقت الموعد الثاني، أيّ أنّ ​الكتل النيابية​ الأساسية ستصل إلى يوم الخميس من دون أي اتفاق فيما بينها، ما يعني أن الأصوات التي سينالها رئيس حكومة تصريف الأعمال بنتيجة الإستشارات هو نفسه، ما قد يدفعه إلى طلب تأجيل جديد، الأمر الذي سيصطدم بموقف كل من رئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر"، إلا إذا حالت دون حصول الإستشارات تطورات جديدة على أرض الواقع، لا سيّما بعد أن بات واضحاً أنّ لعبة الشارع حاضرة في دائرة المفاوضات السياسية.

السيناريو الثاني، يقوم على أساس حصول الإستشارات في موعدها من دون أيّ تعديل في موقف الكتل النيابية، أيّ أن الحريري سيكون رئيساً مكلفاً ل​تشكيل الحكومة​ المقبلة بعدد أصوات لا يتجاوز الخمسين نائباً، بالإضافة إلى غياب أيّ غطاء من كتلة مسيحيّة وازنة، الأمر الذي قد يدفعه إلى الإعتذار عن التشكيل، نظراً إلى أنّه لا يمكن أن يقبل دخول مرحلة التأليف بصورة هزيلة، خصوصاً أنه سيكون مضطراً في نهاية المطاف إلى إبرام تسوية سياسية لضمان حصول حكومته على ثقة ​المجلس النيابي​، وهذا الأمر لا يمكن أن يكون على أساس أن صيغتها تكنوقراط أو إختصاصيين بعيدين عن الاحزاب السياسية، أو ربما يكون الإعتذار قبل الوصول إلى مرحلة التكليف حتى.

السيناريو الثالث، الذي قد يفتح المجال أمام مرحلة جديدة تخرج البلاد من ​الأزمة​ الراهنة على المستوى السياسي، تقوم على أساس حصول تسوية بين الأفرقاء المعنيين، خصوصاً "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل"، على إعتبار أنّ أيّ طرح لا يضمن الإتّفاق بين الجانبين لن يقود إلى أيّ نتيجة، في ظلّ الموقف المعلن من قبل "​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، لناحية رفضهما تشكيل أيّ حكومة لا يشارك فيها "الوطني الحر"، وبالتالي لن تنال ثقة المجلس النيابي، الأمر الذي سيفتح الباب أمام أزمة جديدة في البلاد.

من وجهة نظر المصادر نفسها، السيناريو الثالث يتطلب وضوح الموقفين الدولي والإقليمي، نظراً إلى أن الفيتو الذي يحول دون الوصول إلى مثل هذه التسوية هو خارجي بالدرجة الأولى، وبالتالي لا يمكن توقّع ذهاب رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى مثل هذا الخيار دون تأمين الغطاء اللازم له، بينما الخيار الأفضل بالنسبة اليه، في حال عدم تأمين هذا الغطاء قبل يوم الخميس، قد يكون الذهاب إلى تأجيل جديد، من المفترض أن يقترن بإعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال لمواجهة الأزمة الراهنة، نظراً إلى أن التكليف الهزيل الذي سيأتي بعده الإعتذار، أو إعتذار ما قبل التكليف، سيكون له نتائج سلبية عليه، تعني بشكل أو بآخر خطر إحراق اسمه أو عدم عودته إلى ​السراي الحكومي​.

في المحصّلة، لا جديد على المستوى الحكومي حتى ​الساعة​، في حين أنّ الأزمة الإقتصاديّة تتفاقم وسط إنعكاسات إجتماعيّة وأمنيّة خطيرة أظهرتها الأيّام الماضية، التي برهنت أن الإستقرار الهشّ من الممكن أن يهتزّ في أيّ لحظة.