مع إقتراب موعد الإستشارات النيابية الملزمة، تتبدل الكثير من المعطيات على المستوى الحكومي، التي قد يكون أبرزها ما أكّده رئيس حزب "​الحوار الوطني​" النائب ​فؤاد مخزومي​، بعد زيارته مفتي ​الجمهورية​ ​الشيخ عبد اللطيف دريان​، أن أبواب ​دار الفتوى​ مفتوحة أمام أي شخصية تكلّف ب​تشكيل الحكومة​ المقبلة، بعد أن كان المرشح السابق ل​رئاسة الحكومة​ المهندس ​سمير الخطيب​ قد نقل أجواءً مختلفة، قبل ساعات من موعد الإستشارات التي كان من المقرر أن تتوّجه رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة.

في الوقت الذي كان فيه مخزومي ينقل هذا الموقف، كان الخطيب يؤكد، خلال لقائه وفداً من "​اللقاء الوطني​" في ​إقليم الخروب​، بأنّه تبلغ من المفتي دريان بوجود تمنّيات على مستوى الطائفة في أن يكون الحريري هو في رئاسة الحكومة، الأمر الذي دفعه إلى التوقف عن الإستمرار في الترشّح لرئاسة الحكومة، الأمر الذي توضع حوله الكثير من علامات الإستفهام، حول موقف دار الفتوى الفعلي من هذه المسألة.

قد يكون من غير المنطقي القول أن الخطيب، الذي كان متحمساً لتولي المهمة، قرر التراجع عنها في اللحظات الأخيرة من دون أن يرفع بوجهه "فيتو" من العيار الثقيل، خصوصاً أن الرجل يقول أنه وجد التأييد له من مختلف الأفرقاء المحليين، وكذلك الأمر من جانب العديد من الجهات الإقليميّة الفاعلة، لا سيما ​المملكة العربية السعودية​ و​الإمارات العربية المتحدة​، وبالتالي لم يكن من الوارد أن يتراجع، في ظل تأييد الحريري والأكثرية النيابية له، فيما لو لم يتبلّغ فعلياً بقرار واضح من دار الفتوى.

بالتزامن، من الضروري السؤال عن الأسباب التي منعت الدار من توضيح موقفها على مدى الأيام الماضية، خصوصاً أن الموقف الذي نقله الخطيب عن المفتي دريان مرّ عليه أكثر من 10 أيام، وبالتّالي يصبح من المنطقي القول أن هناك تحولاً طرأ على موقفها من التطورات الحكوميّة، لا سيما بعد أن بات الحريري محرجاً على هذا الصعيد، ولا سيّما ما نقله الخطيب عن المفتي دريان كان دقيقاً وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما نقله مخزومي.

وما يؤكد التغيير في موقف دار الفتوى أيضا، هو أنّ أغلب الشخصيات المحيطة بالمفتي أكدت موقفه إبان ترشيح الحريري كممثل للطائفة السنية في ​لبنان​، وبالتالي أصبح موقف النائب مخزومي اليوم من على منبر دار الفتوى، تبدّلا واضحا بالموقف، تراه مصادر سياسية مطلعة مواكبا لفكرة ترشيح شخصيّة سنيّة أخرى لرئاسة الحكومة، خصوصا بعد تداول إسم ​نواف سلام​ الذي تبنّت ترشيحه ​الكتائب اللبنانية​ وشخصيات محسوبة على ​14 آذار​، وحلفاء ​أميركا​ في لبنان، على وقع قدوم نائبوزيرالخارجيةالأميركيللشؤونالسياسية ​دايفيد هيل​ المسوّق الرئيسي لهذا الإسم.

بالمقابل تشير مصادر مطلعة على موقف دار الفتوى، أن قرار المفتي بدعم الدار للحريري نبع من مشاورات قام بها، ومن تأكيده على رفض مخالفة ​الدستور​ عبر تسمية رئيس مكلف للحكومة قبل حصول ​الاستشارات النيابية​، وبالتالي اليوم تختلف الصورة، واذا أثمرت الاستشارات النيابية إسما سنيّا غير الحريري فلن تكون ابواب دار الفتوى مقفلة امامه، على اعتبار أن تسميته جاءت متوافقة مع ما ينص عليه الدستور.

اذا، باتت اللعبة السياسية واضحة، ودار الفتوى اعلنت انفتاحها على أسماء جديدة، والاستشارات إن حصلت غدا، لن تخرج عن هذين الإسمين، ​سعد الحريري​ أم نواف سلام.