ساعات تفصلنا عن زيارة مساعد وزير ​الخارجية الاميركية​ دايفيد هيل الى لبنان. هيل، الذي يعرف أدق التفاصيل عن لبنان وفي لبنان، وقد خدم على فترات متقطعة لبنان، يأتي توقيت زيارته غريباً... غداة انتهاء ​الاستشارات النيابية​...

اليوم الطويل الذي يحمل الكثير من المفاجآت وعشية بدء المسار الطويل لتأليف حكومة يريدها الاميركيون وبشكل واضح ذات مصداقية بدءاً برئيسها وصولاً الى كل وزير فيها مع التسليم جدلاً بالموقف الاميركي الدائم والمعلن عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية.

***

حتى الساعة لم يتلقف الرئيس المعلّق تكليفه ​سعد الحريري​ الرسائل من كل حدب وصوب.

فباستثناء رسائل ​عين التينة​ والضاحية و​بنشعي​ لم يتلقف رسائل انتهاء الصلاحية من ​الرئيس ميشال عون​ الذي ضاق ذرعاً بمحاولات شطبه مع رئيس تياره السياسي من المعادلة ومن سمير جعجع الذي تعب من مضاعفات التسوية الرئاسية التي استفاد منها سعد الحريري وهمّش فيها صوت ​القوات اللبنانية​.

هذا في الداخل أما في الخارج فأين هو الموقف الصديق للمملكة العربية السعودية التي لم تنس لبنان في أية لحظة من تاريخه الحديث ونحن حتى الساعة لم نرَ في الاعلام موقفاً للسفير السعودي في لبنان أو أكثر من موقف خارجي صادر عن المملكة...؟ ولماذا غابت المملكة عن اجتماع مجموعة دعم لبنان في ​باريس​.

***

ومن واشنطن لا تشير المعلومات عشية وصول ​ديفيد هيل​ الى حماس كبير لعودة سعد الحريري الذي أسمعه الاميركيون طويلاً وعلى مدى سنوات ماذا يريدون حقيقة من لبنان ومن حكومة لبنان؟

فلماذا إذاً المكابرة والمناورة ولماذا وضع العصي في الدواليب حتى اللحظة الأخيرة خصوصاً ان هوامش اللعبة تضيق أمام ضغط الثوار الرافضين لإستعادة المنطق نفسه في تداول السلطة، وأمام هزالة الأصوات التي قد تأتي برئيس حكومة وان يكن يحظى بغطاء طائفته لكنه يفتقد الى شرعيتين أساسيتين:

شرعية الشارع الذي ثار ضد فساد هذه الحكومة وأهلها وشرعية الميثاقية التي ارتأت ان تعطي الرئيس الحريري إجازة ولو مؤقتة...

هذا إذا وضعنا على جنب عدم الحماس الدولي لتكرار تجربة حكومة لم تقدم إلا نماذج الفساد والمحاصصات للناس.

***

حكماً نحن ذاهبون وفي كل الحالات الى مواجهة...

أي شخصية سيتم إختيارها غير سعد الحريري سيعمد سعد الحريري الى تجميع الشارع ضدها والى الانضمام الى الثوار لمنعها من الوصول!

وإذا وقعت القرعة عليه بأصوات هزيلة أو بعد تسويات مسبقة لا يمكن لسعد الحريري إلا أن يقدم حكومة بتسويات ومحاصصات ويكون هنا قد نكث بوعده في شأن حكومة اختصاصيين وبالوقت نفسه تكون قد جنت على نفسها براقش فما الذي سيهدئ الشارع؟

وما الذي سيجعل الثوار لا يقطعون الطرق من جديد متراجعين عن كل التزامات في السابق في هذا المجال؟

وما الذي يمنع عودة المواجهات والاستفزازات الى الساحات التي تغلي بعد منتصف كل ليلة؟

***

وهل يمكن ان ننسى ان سيناريو المجيء بأي حكومة لا تقنع المجتمع الدولي ستقطع الامدادات عن الأوضاع النقدية والمالية التي تنزف والتي يراهن عليها أي رئيس حكومة مقبل لوقف الإنهيار الذي دخلت فيه البلاد.

من الأكيد ان أي حكومة تنال ثقة الثوار ستعيد الى الناس بريق الأمل والى المجتمع الدولي رجاء بإستعادة لبنان من وحول الفساد والسرقات والرشاوى والسمسرات...

سمعتُنا كما يُقالُ في الحضيضِ... وفرّوا على الناسِ في أسبوعِ الأعيادِ إنهيارَ الآمالِ وقدّموا لهم هديةً قيمةً: رحيلكم..