حسابياً، من المفترض أن يتوّج وزير التربية و​التعليم العالي​ السابق ​حسان دياب​ رئيساً مكلفاً ب​تشكيل الحكومة​، بعد أن برز اسمه، في ​الساعات​ الماضية، نتيجة عدم قدرة القوى التي تشكل الأكثريّة النيابية، لا سيما "​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، على إقناع رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​سعد الحريري​ بتجاوز الفيتوات التي وضعت من قبل ​الولايات المتحدة الأميركية​.

هذا الواقع، كان واضحاً في ساعات نهار أمس، عندما شعرت قوى الثامن من آذار بأن هناك "مكيدة" سياسيّة تنصب لها، عبر الترويج لاسم السفير ال​لبنان​ي السابق في ​الأمم المتحدة​ ​نواف سلام​ ل​رئاسة الحكومة​ المقبلة، بالتزامن مع زيارة مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّة للشؤون السياسيّة ​ديفيد هيل​ إلى لبنان، التي تترافق مع موعد الإستشارات النيابية الملزمة.

ضمن هذا السياق، كانت الأكثرية النيابية أمام إحتمال من اثنين، بعد إعلان الحريري عن عدم رغبته بأن يكون مرشحاً لرئاسة الحكومة المقبلة، طلب تأجيل الموعد من ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، الذي كان مصراً على إجراء الإستشارات في موعدها، بعد تأجيلين بناء على طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال، أما الثاني فهو الذهاب إلى تسمية شخصيّة سنّية لرئاسة الحكومة، مع ما يعنيه ذلك من غموض في المشهد الحكومي، خصوصاً بالنسبة إلى مرحلة التأليف.

حول هذا الموضوع، توضح مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن إختيار اسم حسان دياب كان بعناية فائقة، نظراً إلى أنه لا يجب أن يشكل إختياره إستفزازاً على المستوى الداخلي، خصوصاً بالنسبة إلى الساحة السنّية، فهو من الشخصيات التي تُصنف "تكنوقراط"، كما أنّ المعروف عنه أنه رجل حوار بإمتياز، بالرغم من أن البعض سعى إلى محاولة حرق الإسم من خلال ضخّ مجموعة من الشائعات في البازار السياسي.

بالإضافة إلى ذلك، تشير المصادر نفسها إلى أن دياب هو من الأسماء التي قُدّمت إلى رئيس الجمهورية من قبل رئيس ​الجامعة الأميركية​ في ​بيروت​ ​فضلو خوري​ ورئيس الجامعة اليسوعيّة ​الأب سليم دكاش​، على أساس أنها من شخصيّات التكنوقراط التي يمكن أن تكون مقبولة من الشارع، بينما كان من الممكن أن تذهب التسمية إلى شخصيّة تدور في فلك قوى الثامن من آذار، كالنائبين عبر الرحيم مراد أو ​فيصل كرامي​، أو أخرى غير بعيدة عنها، كرئيس حزب "​الحوار الوطني​" النائب ​فؤاد مخزومي​ أو الرئيس السابق ل​بلدية صيدا​ ​عبد الرحمن البزري​.

إنطلاقاً من ذلك، تعتبر هذه المصادر أنّ الرسالة التي أرادت إرسالها القوى التي تشكل الأكثريّة النيابيّة تكمن بأنّها غير راغبة في الذهاب إلى أيّ صدام على المستوى الداخلي، لا بل هي تفتح الباب أمام الحوار بعد تكليف دياب تشكيل الحكومة المقبلة، التي لن تخرج من حيث المبدأ عن صيغة التكنوسياسية، التي عرضت، بشكل مباشر، أكثر من مرّة على رئيس حكومة تصريف الأعمال، لكنه فضل عدم تولّي المهمّة في هذه المرحلة.

في ظل هذه المعطيات، تؤكّد مصادر سياسية أخرى، عبر "النشرة"، أن مهمة دياب لن تكون سهلة على الإطلاق، نظراً إلى أن التسمية اليوم لا تعني الوصول إلى برّ الأمان، فالرجل قبل الوصول إلى مرحلة التأليف عليه أن يتجاوز تحديين بارزين، من المفترض أن يظهرا خلال الساعات المقبلة التي تلي التسمية في حال وافق على تجاوز عدم التسمية من قبل القوى والشخصيّات السنّية الفاعلة، الأول يتعلّق بالموقف الدولي مع اسمه، أما الثاني فيتعلق بموقف الشارع.

بالنسبة إلى التحدي الأول، تشير هذه المصادر إلى أن المواقف من المفترض أن تظهر سريعاً، لكن من حيث المبدأ قد تكون مرتبطة بالكيفيّة التي سيتعامل معها الشارع بالدرجة الأولى، أي التحدي الثاني، وهنا لا يمكن الحديث عن شارع واحد، بل يجب الحديث عن الشارع السنّي الذي قد يرفض هذه التسمية، بالإضافة إلى رصد موقف المجموعات الفاعلة في ​الحراك الشعبي​ أيضاً، وتضيف: "الأساس أنّ الأكثريّة النّيابية ليست وحدها المقرّر على هذا الصعيد".

في المحصّلة، بعد الإنتهاء من الإستشارات النيابية الملزمة، المعروفة النتائج منذ ما قبل إنطلاقتها، سيكون على رئيس الحكومة المكلّف إنتظار ردّات الفعل على تسميته، التي قد تدفعه إلى الإعتذار، رغم الأكثريّة التي سيحصل عليها، وبالتالي إمكانيّة العودة إلى المربّع الأولى من جديد.