لفت بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس ​يوحنا العاشر​ يازجي، إلى أنّ "في عيد الميلاد المجيد، تتأمّل الكنيسة ذاك الطفل الوديع يسوع المسيح الّذي زار ويزور دنيا قلبنا بقدر ما نفتح له مزود النفس. في العيد الحاضر، يدعونا ناظم التسابيح أن نكون جوقًا واحدًا مع الملائكة. يدعونا إلى أن نعيد بالروح "لأنّ الإله ظهر بالجسد للجالسين في الظلمة والظلال".

وركّز في رسالة الميلاد، على أنّ "اليوم المسيح يدنو من كلّ من هو في الظلال وفي الظلمة ليقول له: لأجلك يا أحب خلائقي، وافيت طفلًا بالجسد أنا الإله الأزلي الكائن قبل الدهور. أنا لست خجلًا منك ولا بضعفاتك لا بل إنّي مواف، لفيض محبّتي لك، لكي أريح قلبك وأنتزع ضيقك وأضعه على كاهلي. اليوم الرب يوافي ليزيح عن القلوب والنفوس هموم الدنيا ويرميها في عتمة المغارة".

وأشار البطريرك يازجي إلى أنّ "في زمن يسوع المسيح، انتظر الناس من الفادي أن يأتيهم ملكًا جبّارًا عاتيًا ليقلب عروش المقتدرين ويمسح الظلم من البسيطة بأسرها. انتظروه بجبروت أرضي آتيًا بمجد ظاهر. انتظروه مخلّصًا ينتقي شعبا فألفوه مخلصًا للبشرية يمدّ لها كلّها جوانح الرحمة"، مبيّنًا أنّهم "انتظروه في بلاط ملكي فأتاهم في مغارة. انتظروه ببهاء العرش فباغتهم بضعة المزود. انتظروه ملكًا باطشًا فوافاهم طفلًا وديعًا. انتظروه آتيًا على سحاب السماء ليقيم ملكًا أرضيًّا فعاجلهم على قشّ المزود ليقيم ملكوته في النفوس العطشى لروحه. انتظروه محاطًا بحرس أرضي فغافلهم بجند سماوي. أرادوه محاطًا بهيبة وقتية وببأس وفتوة فاستباهم محاطًا بوداعة مريم وبترنّح يوسف وببسمة طفل. وبميلاده يجمع الطفل الإلهي السماويين بالأرضيين ليعلنوا مجده في الأعالي سلاما حقا على الأرض ومسرة في قلوب الناس أجمعين".

وشدّد على "أنّنا نوقد شموعنا في هذه الأيام أمام مزود المحبّة الّتي زارت دنيانا، ونرنو إلى الطفل الإلهي الّذي أحبّنا جميعًا ووافانا عزاء وطمأنينة وسط عاصف حياتنا. نرنو إليه مصلّين من أجل سلام العالم و"حسن ثبات كنائس الله المقدسة". نرنو إليه مصلّين من أجل خير واستقرار هذا الشرق".

وذكر "أنّنا نصلّي من أجل سلام سوريا ومن أجل استقرار لبنان، وندعو الجميع إلى أن يستلهموا هدوء وسلام طفل المغارة في مواجهة الصعاب الّتي تعصف بهذا الشرق وبإنسانه. إنّ سلام الفكر والنفس هو اللبنة الأولى التي تبني الأوطان". وأكّد أنّ "في كثير ممّا يجري حولنا، نحن أحوج ما نكون إلى سلام النفس لبنة أولى لسلام الوطن. نحن أحوج ما نكون للمصالحة مع ذاتنا لبنة للمصالحة مع الآخر الّذي نبني معه وبه سلام المجتمع وقيامة الوطن".

وأفاد بـ"أنّنا نصلّي اليوم من أجل عودة جميع المخطوفين. صلاتنا من أجل أخوينا المطرانين يوحنا إبراهيم وبولس يازجي مطراني حلب المخطوفين منذ ما يقارب السبعة أعوام. نسأل الطفل المولود أن يضيء ليل غربتهما وينير أذهان أحبتهم ويستجيب طلبتنا في أن نراهما بيننا رغم كلّ هذا التعتيم الإعلامي والعالمي عن قضيتهما، الّتي تبقى بحقّ نذرًا يسيرًا ممّا تعرّض ويتعرّض له أهلنا وناسنا ومن كل طيف ودين من امتهان للكرامة الإنسانية في سوق المصالح العالمية".

كما أوضح يازجي أنّ "صلاتنا من أجل هذا الشرق بكلّ بلدانه ومن أجل فلسطين الجريحة الّتي تبقى قضيتها مع كل الأراضي المحتلة ندبة الباطل في جبين الحق الذي لا يعلو عليه زمن أو سلطة أو تآمر أو اعتراف. بسلام الميلاد نتوجّه إليكم يا أبناءنا الأنطاكيين في الوطن وفي الانتشار الأنطاكي في كل العالم. بارككم الله جميعا وبارك أطفالكم وأخصاءكم. وصلاتنا إلى الرب القدير من أجل من إخوتنا وأحبتنا الذين سبقونا على رجاء القيامة والحياة الأبدية ودعاؤنا من أجل سلام العالم ومعونته".

ونوّه إلى أنّ "رجاءنا في العيد الحاضر أن يجعل الإنسان من قلبه مغارة يستقبل فيها ملك المجد ومن نفسه مزودا يستريح فيه المسيح ليقدس الكيان. وصلاتنا إلى العذراء مريم أن يجلو العيد الحاضر غيضا من فيض هدوء وسلام رب السلام".