أشارت صحيفة "الخليج" الاماراتية في افتتاحيتها الى أنه " وكأن العرب خرجوا من التاريخ والجغرافيا، وصاروا فائضاً بشرياً لا لزوم له"، مضيفة: "تحولوا في السنوات الأخيرة إلى "ملطشة" و"مضرب عصا" للقريب والبعيد، وصارت أرضهم وسيادتهم وثرواتهم مشاعة ومستباحة لكل طامع وطامح".

ورأت الصحيفة أنه "ما عادت لهم حدود ولا جدران ولا سقوف تحمي وتصد الغربان التي تنعق بالخراب، وتحول أمنهم القومي إلى شيء من الماضي الذي سترويه كتب التاريخ بالدمع والدم، كما روت سقوط غرناطة؛ آخر معاقل العرب في الأندلس عام 1492، عندما وقف أبو عبدالله الصغير يذرف الدمع وهو يسلم مفاتيح مدينته، يُودِّع مُلكاً ذهب، ومجداً ضاع، وعندما رأته أمه يبكي قالت له: "ابك مثل النساء؛ مُلكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال".

وأضاقت: "وإذ نُطل على تاريخ يعود بنا إلى أكثر من خمسمائة عام، فإنما نحاول أن نتلمس ما يجري الآن فوق أرضنا، وما يُخطط لنا في دهاليز الشر، وما يتم رسمه من خرائط لتقسيمنا كأوطان وشعوب وثروات، إلى مغانم وهدايا بين كل أفّاكي الأرض، وكأن ما فعلوه من تصدير للإرهاب من أربع رياح الأرض إلى بلداننا حيث استبيح الدين والأرض والعرض والإنسان والحضارة والتاريخ منذ تسع سنوات كان بداية البداية، وليس النهاية، حيث يتم وضع حجر أساس جديد لاستكمال عملية نهب لأرضنا وثرواتنا، وكأنها باتت مهجورة يمكن لأي عابر سبيل أن يستولي عليها".

ولفتت الى أن "مثالين نسوقهما بهذه المناسبة: الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ مثلاً، ينظر إلى ​النفط​ السوري وكأنه ملكية خاصة يمكنه التصرف فيها كما يشاء؛ أي أن ​الولايات المتحدة​ التي تبعد عنا آلاف الكيلومترات يمكنها أن تضع يدها على ثرواتنا، وكأن حقول نفط رميلان والسويدية وكراتشوك وجبسة، وغونة وتشرين في محافظتي الحسكة ودير الزور، هي حقول في ولاية ​تكساس​ الأميركية؛ إذ يقول: "في الوقت الحالي لم يبق في ​سوريا​ من العسكريين الأميركيين سوى من يحمون النفط الذي أصبح في أيدينا"، وصار بمقدور الولايات المتحدة التصرف فيه كما تشاء"، مضيفة: "أما الرئيس التركي ​رجب طيب أردوغان​ الذي لا يهمه من سوريا إلا تدميرها ونهبها وقد أبلى في ذلك بلاء حسناً مشهوداً، فعينه أيضاً على النفط، بعد أن كان شريكاً لـ"داعش" في بيعه وتصديره عبر ميناء جيهان التركي".

وشددت على أن "ترامب لا يريد مقاتلة الجماعات الإرهابية مثل "داعش" و"جبهة النصرة" لأنها ترتمي في حضنه الدافئ، وإنما يريد النفط السوري بـ"البلطجة" بزعم الصرف على ​اللاجئين السوريين​ في بلاده بعد نقلهم إلى "المناطق الآمنة"، وبعد "تطهيرها من الإرهابيين" شمال شرقي سوريا؛ أي أن أردوغان يحاول أن يقدم نفسه للعالم على أنه مؤتمن على الإنسانية، مخلّص للبشرية، وكأن النفط السوري ليس له أهل وأصحاب، وأن بإمكانه أن يتصرف فيه كما يشاء"، متسائلة "هل نستطيع الخروج من حالة المذلة والمهانة والخنوع التي نعيشها، ونعود لمحاسبة أنفسنا وتصحيح أخطائنا وخطايانا، وما جنيناه على أنفسنا وشعوبنا؟".