القلق يغمر قلب يوسف وعقله ويهدّ كيانه. كيف يمكن أن يقبل وأن يفهم سرّ حبل البتول مريم التي ذهبت لزيارة خالتها ومساعدتها عند ولادة يوحنا ابنها، وعادت من هناك بعد ستّة أشهر وقد بان حملها. الاضطراب يهزّ كيان يوسف ماذا يفعلل وكيف يتصرف ويكتم السر؟هل يطلقها ويعرضها للرجم والموت وهو يحبّها. والحب يحمي وينقذ، يخلص ويفتدى.

يوسف محزون كئيب من يشرح له، من ينير له الدرب. كيف يمكن لعقله أن يفهم سر مريم، وهو يردد اليك اصرخ يا رب اسرع إليّ بك اعتصمت فلا تفرغ نفسي.

هل فكّر يوسف ليخلي مريم الى قدرها وحدها ويتركها للرجم والموت؟! من يبيّن ليوسف البار سرّ حبل مريم الطاهر بالابن الوحيد؟! من يرفع عن أنقى البتولات كل ريبة؟! من يبعد عن اطهر الطاهرات كل تهمة؟!.

من يفرح كربة يوسف، من يزيل الشكّ؟! من يحل ​السلام​ والسكينة في قلبه القلق؟! يوسف كان صديقا ولم يردان يشهّر بها. لم تغمره الثرثرة والاتهام والشك ككلّ واحد منا في هذه الحالات فتضربه الوساوس والقلق. كرجل شرقي فهم بتخليتها سرّا. لم يعد يتحمل ذلك، وتدخل الله في اللحظة الحرجة، تراءى له في الحلم ملاك الله وقال له يا يوسف ابن داوود لا تخف ان تأخذ امرأتك مريم. فإن المولود فيها انما هو من الروح ​القدس​. وستلد ابنا فتسمّيه يسوع. لانّه هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم. وكان هذا ليتم ما قيل من النبي: ها ان ​العذراء​ تحبل وتلد ابنا ويدعى عمّانوئيل الذي تفسيره الله معنا.

فلمّا نهض يوسف من ​النوم​. صنع كما أمره ملاك الربّ. وأخذ امرأته ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر وسماه يسوع،لم يقترف يوسف جريمة شرف كسائر الشرقيين بل هو قدّيس الصمت والشرف والسكوت وحفظ السر.