لفت متروبوليت ​بيروت​ وتوابعها للروم ​الارثوذكس​ ​المطران الياس عودة​ خلال ترؤسه خدمة قداس ​الميلاد​ في كاتدرائية القديس جاورجيوس إلى أنه "لا يمكننا الكلام على الميلاد من دون الحديث عن الموت. في أيقونة الميلاد نرى المسيح ملفوفا بأقمطة، رمزا للأكفان التي سيلف بها عند موته، كما نشاهده موضوعا في مغارة مظلمة ترمز إلى القبر، أما المجوس، الذين قرأنا في ​إنجيل​ اليوم عن زيارتهم، فمن الهدايا التي قدموها للطفل الإلهي المولود، مر يرمز إلى حنوط الدفن".

وأشار إلى أنه "لم تمت حبة الحنطة لا تنمو سنبلة مثمرة، وإن لم تتألم ​المرأة​ لا تلد طفلها. هكذا وطننا، لن يولد من جديد دون المرور بمخاض عسير وآلام صعبة. لكننا نأسف لأن رعاة هذا البلد لا يتمثلون بآدم الجديد، الملك المولود في التواضع والصمت. نجدهم يفضلون التمثل بآدم الأول، الذي أسقطته كبرياؤه في موت الخطيئة، فجر ​العالم​ كله معه. رأينا مسيحنا قد غسل أرجل تلاميذه ومات من أجلهم موت العار على الصليب، لكي يرفعهم من آلامهم، لكن مدبري شعبنا لا يأبهون إلا لخلاص أنفسهم، وبدلا من نشر الدفء في قلوب المواطنين، وإعطائهم أدنى حقوقهم، نجدهم يهتمون فقط بتدفئة كراسيهم، عروشهم، التي يخافون فقدانها، وبدلا من بث الطمأنينة يبثون الخوف والهلع من انهيارات إقتصادية وإجتماعية ومالية، بدلا من تحملهم مسؤولياتهم، يؤلبون الشعب على الكنيسة ليطالبوها بما هو واجب ​الدولة​ هنا لا بد من الإشارة إلى أن الكنيسة لا أحد يعلمها ما يجب أن تفعل سوى ربها ​يسوع المسيح​، وهي تقوم بما طلبه الرب".

وأضاف "القلوب اللحمية أصبحت عملة نادرة في بلادنا، وجميعنا نقف مشدوهين أمام مشاهد الصنمية المستشرية، فالقلوب أقسى من الصخر، وإستعباد المواطنين من أجل الوصول إلى مبتغى الزعماء لا حد له وإن لم يذعن المواطن يهدد بمصدر رزقه أو لقمة عيشه أو مستقبل أبنائه، أما مفهوم الوحدة في الجسد اللبناني الواحد فغريب عن عاداتنا. كل عضو من هذا الجسد يظن أنه الأفضل، وأن الجسد لا يحيا من دونه، بينما يمكنه العيش من دون الأعضاء الأخرى. مبدأ "الأنا" متجذر في كياننا، ومن أجل المصلحة الخاصة يضحى بالوطن. نبذوا ​المحبة​، أساس الوحدة، نبذوا الله الواحد، ونصبوا أنفسهم آلهة مكانه. فهل من أحد سيتمثل بالمسيح الذي صلب لأنه أحب؟ هل من يضحي بنفسه من أجل الخير العام؟ نعود ونعلي صرخة القلب الموجوع قائلين: "تعال أيها الرب يسوع"، تعال وأنقذنا، لأنه ليس لنا في الأحزان معين سواك. آمين".